عمر الشريف .. وسعود الفيصل
صبري الربيحات
11-07-2015 06:10 PM
قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمان قادني القدر الى مدينة لوس انجيلوس لاكمل دراستي العليا في اعرق جامعاتها المجاورة لهوليوود (المدينة التي تخصصت في صناعة السينما والاحلام)..
في هوليوود كانت صورة العربي آنذاك صورة رومانسية جاذبة تحبها المرأة الغربية وتحلم بأن يكون شريكها شخصاً بجاذبية الصورة الشرقية التي جسدها عمر الشريف..
صورة الأمير العربي الطويل الوسيم الذي يتكلم الانجليزية بلكنة شرقية "كريسبي" كما يقولون رسمها عمر الشريف واصبحت علامة خاصة لصورة العربي قبل ان يظهر اسامة بن لادن والزرقاوي والظواهري ليشيعوا صورة العرب كصناع للموت والارهاب.
الصبايا الجميلات يصفن اصدقاءهن الجدد من العرب لصديقاتهنّ بان لهم عيوناً وقواماً مثل عيون عمر الشريف وقوامه او كامير عربي.. منذ ان ظهر بدور الامير في فيلم لورنس العرب ودكتور جيفاغو الى جانب جيرالدين شابلن وجولي كريستي وصوفيا لورين.. وهو يقدم صورة جميلة للشخصية الشرقية تستهوي الجمهور وتضفي الكثير من السحر والعذوبة والرومانسية على الافلام التي شارك فيها.
على الجانب الآخر غادر الدنيا بالامس الامير سعود الفيصل الذي ادار ملف الخارجية السعودية لاربعة عقود وعاصر معظم اللاعبين السياسيين على الساحة العالمية منذ سبعينيات القرن الماضي..
رحيل الفيصل يأتي عند نقطة مفصلية في تاريخ الامة وفي احلك ساعات تاريخها السياسي والامني.. فالصراعات متقدة في كل حدب وصوب والمملكة السعودية تشهد تحولات في مواقفها وسياساتها..
برحيل الشريف والفيصل تخسر الثقافة العربية رمزين من الرموز التي شكلت الصورة الذهنية المشرقة عن الشخصية العربية لدى الغرب والعالم.. عمر الشريف الذي كان يحرص على ان يستمتع في كل لحظة من عمره ويعيشها باحساس لا يخضع لمعايير المقبول والممنوع.. والفيصل الذي ظل حاملاً لارث والده الملك العربي الذي وضع الثقل الاقتصادي لبلاده في خدمة قضايا الامة يوم هدد بقطع البترول عن الدول الداعمة لاسرائيل عام 1973 مخاطراً بعرشه ومتوعداً الغرب بان الآباء اقتاتوا على التمر واللبن وانه لا يرى ضيرا في العودة الى ذلك اذا لزم الامر في سبيل الحفاظ على الامة وكرامتها.
لقد كان سعود الفيصل وعمر الشريف نموذجين من نماذج العطاء والخدمة والابداع في الزمن الجميل، وبرحيلهما تفقد الامة شيئاً من جماليات روحها وخبرتها وحضورها على مسرح السينما والمسرح السياسي.
فالرحمة لسعود الفيصل والسلام على روح عمر الشريف اللذين عملا على تبديد الكثير من الصور والانطباعات النمطية عن الشخصية العربية فاستطاعا ان يجلبا لصورتنا حبا واعجابا واحتراما يخفف من الدمار والتخريب الذي صنعه الطغاة والمستبدون والشهوانيون.
اليوم ما من شك ان أمتنا العربية اقل وسامة واكثر بشاعة ووحشية ليس بسبب رحيل الفيصل والشريف فحسب، بل لفقدانها رسالةً كان يحملها زرّاع الحياة.. وتسليم زمام امورها لثلة من صناع الموت.