من شدة الوجع رقص زوربا اليوناني رقصته المشهورة. ومنذ تلك الرقصة ظل اليونانيون يتوجعون بفرح ويفرحون بوجع يخفونه داخل جلدهم وفي زرقة عيونهم المتوسطية!! . ففي عمرهم الطويل ثمة حضارة اغريقية سبقت حضارة الفايكنغ المتوحشين وروما التي كانت كل الطرق تؤدي اليها الى ان احرقها نيرون قائلاً: « عليّ وعلى اعدائي».
اليونان الحديثة ظلت تعض على الفقر باسنان من كرامة وقالت: (لا) لأوروبا التي تريد مساعدتها وانقاذها من الانهيار مقابل ان تقع تحت سيطرتها والتحكم في حياة شعبها . وان تضغط حكومتها على الشعب وتعري جيوبه من رزق يومه لتقرر اوروبا سعر الماء و الكهرباء وفنجان القهوة وسعر الوردة . وبالتالي يفقد الشعب كرامته وتفقد الحكومة استقلالية قرارها ويدور الجميع حول بعضه وحول نفسه ويقع فاقداً نفسه مغشياً عليه .
ليس بيننا نحن العرب زوربا ليؤدي رقصة الوجع بكرامة .ولا بيننا من يقول لا للمتربصين بامتنا . حتى في الصلاة لم نعد متراصين، اصبحنا مذاهبَ وشيعاً وفرقاً لا نختلف فقط بل نقتل بعضنا شنقاً وذبحاً وقصفاً . نحن ضحايا الفتنة وقتلة انفسنا .اصبحنا امة «غودو» الذي يأتي ولا يأتي . أدمنا الانتظار حتى ملّ الانتظار منا وتركنا على هامش الامم نلوك مجدا كان، ونمضغ الهواء . فارغين من الفعل والفكر ، باطنيين نتقن اخفاء ما نضمر، ولا نجرؤ على ذكر الحقيقة، اصبحنا على الهامش مهشمي الارادة .
نسينا دمنا العربي الحر ونسينا ديننا . تشبثنا بالقشور وأهملنا الأصل والجذور .
كم تعجبني قصة الجنرال الاميركي الذي التقاه شاب عربي في دولة اوروبية . راح الجنرال يفاخر بحضارة وعلم بلاده وانضباطية جيشها . فقال له الشاب : كم وقتاً تحتاج لتجمع جنودك الالفين بطابور الصباح في هذه القاعدة ؟ اجابه الجنرال بفخر : خمس دقائق . نطلق الزامور، يخرج الجنود من ثكناتهم ، يصطفون في الطابور ، يمر عليهم الضباط، يرتبون الصفوف و...تبدأ مراسم الصباح .قال له الشاب: وهل تستطيع ان ترتب طابورا من ثلاثة ملايين شخص بكلمة واحدة . ضحك الجنرال وقال له : طبعاً مستحيل . فتح الشاب جهاز الكمبيوتر، ومن اليوتيوب اظهر موسم الحج في مكة المكرمة وقال له انظر. أذن المؤذن للصلاة قال امام الحرم المكي كلمة : استووا . فاصطف المصلون بلحظة كتفا الى كتف، ثم ادوا الصلاة خلف الامام.
اين نحن الان من ما كنا فيه . لقد فسدنا وأفسدنا . ظلمنا أنفسنا لاننا نسينا عروبتنا وديننا ولم نعد نصطف طوابير الا امام الغرب الذي سرق نفطنا وامننا ووظفنا لديه حراساً على خيبتنا!
الدستور