كثيراً ما سمعنا عن حالات زواج أو حتى علاقات حدثت من وراء الكواليس ما بين مدراء و سكرتيراتهم او مساعداتهم ان اصح القول, حيث ازدادت نسبة هذا الزواج او هذه العلاقات المحرمة من هذا النوع بشكل ملحوظ في الآونة الاخيرة في مجتمعنا,بالأخص مع تزايد الانفتاح الوظيفي, ولعل ذلك يقدم طرفين من وجهات النظر:
فيرى البعض بأنها علاقة طبيعية جداً وايجابية والتي بدورها تقلل من نسبة العنوسة في المجتمع عن طريق الزواج الحلال، وبأن الشرع أجاز للرجل مثنى و ثلاثاً ورباعاً, وبأن زوجاتهم قد أهملنَ انفسهنّ ومن ثم اهملن رجالهنّ بالمقابل، فيرى هذا الرجل منزله كمعسكر حربيٍّ بأشخاصه ومكنوناته محصوراً فقط بالواجبات والطلبات والمسؤوليات, وما الى ذلك من حجج واهيه أم حقيقية، ويراها الطرف الآخر من القضية بانها ظاهرة سلبية تعود على فاعلها بالضرر وبالخسارة العظمى وبالارهاق النفسي, وبأنها تقود الى الزنا بالعين، وخرق مواثيق الاخلاص و عهد الزواج ووعوده لزوجته المتمثلة بالوفاء والاستمرارية بالحب ,وبانها وصفت بالانانيه و تفضيل النفس على الزوجة و العائلة كافة, والتي تترتب نتائجها بسرقه الازواج وتفكيك الاسر وهدم بيوتٍ بأسرها و صرف اموال باستهتار لاجل المتعة المفعمة باحتمالية حدوث هذا الزواج, بينما اهل بيته هم الأحق بهذه الاموال.
يتقدم الكثيرات من الفتيات لشاغر "سكرتيرة المدير" وتتمحور أسبابهنّ لشغر هذه الوظيفة حينها فقط لكسب الرزق أو لتعبئة اوقات فراغهن اليومي بعمل ينتفع به, او غيره الكثير من مظاهر التقدم لاي وظيفة طبيعية تقليدية كانت, حيث ان البعض منهنّ من يضمرن النوايا الحسنة والرزق الحلال, لكن البعض الآخر منهن تستحوذهن نوايا السيطرة على هذا المدير و على هذه الشركة بأساليب متشعّبة التطبيق ,محاولات لجعل كلمتهن هي الاولى و الاخيرة , حيث يصنعن من انفسهنّ مراكز قوة ,مراجع للاستشارة , والبئر الأعمق لأسرار رؤسائهن, و من هنا تبدأ الحكاية.
تتبع سكرتيرة "البعض الآخر" مما ذكرت سابقاً أساليب متنوعة لصيد هذا المدير و إيقاعه في شباكها لغايات مختلفة الظرف و المكان, تبدأ بخطوات النجاح واثبات الذات في هذه المؤسسة و على مرأى هذا المدير، تعمل بإتقان وبدقة محاوِلةً جاهدة بعدم ارتكابها لأيّة أخطاءٍ مهنيةٍ وبالتالي استبعادها من تسليط مجهر اللوم والحساب أمامه وامام الموظفين كافة , حينها يتمسك بها المدير بيديه وأسنانه بعد التيقن بأنها هي المفتاح لمعظم اقفال هذه المؤسسة و المحفظة المحكمة الاغلاق لأسرارعمله , وكونه ايضاً يوفر على نفسه الكثير من مجهود تكرار و تكرار شرحه لتفاصيل العمل و تعديل الاخطاء المستمرة. شهراً بعد شهر,يوما بعد يوم,ساعاتٍ اضافية أخرى بالعمل والتي يقابلها ساعات غيابٍ أكثر للمدير عن زوجته و عائلته,يبث فيه ذلك الارتياح الداخليّ و السكون النفسي والذي لطالما تجردوا من شخصيته الثائرة خلال عمله و أمام موظفينه, فلم يعد ذلك المدير الحازم الشديد العقاب الجدي الملامح دائم الانفعال, فهنالك اللين وخفة الدم والقاء النكت وكلمات المديح و الاعجاب والتي حرمت منها زوجته سنواتٍ عديدة بعد أن تآكلت علاقتهما بفعل الروتين و الملل و الجمود, وعندما يصل لهذه السكرتيرة إحساسه المعجب و المائل وراء خطواتها على الارض والذي كاد بأن يتبقى من هذا الاحساس شعيرات رفيعة السماكة حتى تنقطع و توقع به في هاوية الغرام, تبدأ باخراج اسلحتها الدفينة، فتباشر بالتصرف ليس فقط كسكرتيرة بل كأنثى هذه المره, لافتةً انتباهه بشكلٍ آخر تماما,فتراها تلدغ بمعظم أحرف الهجاء عند تحادثها معه, مذابة بالخجل ,مرتدية ملابس ملفتة النظر,ملوّحة بخصرها والذي تحول فجأة الى أمواج بحرٍ راقصة أثناء مشيها حاملة ملفات العمل من و الى المدير,تراها تنثر عطرها الخاص على نفسها بكميات مبالغ بها لدرجة تفجير نزواته و شهواته لحظة دخولها من الباب,تراها مهتمة بمكتبه والذي ملئته منذ وصولها بمزهرية من الورود الحمراء, و اعتنائها برائحته الزكية و من ثم اغلاقه لمنع اي انسان من الدخول اليه,فمن هنا تتفتح بصيرة هذا المدير لهذه الفتاة, لكن كأنثى ايضاُ في هذه المره,فسرعان ما يبدأ بملاحظة طول شعرها و انحناءات جسدها و نعومتها, حتى طريقة وضعها لمكياجها,و يبدأ العيش داخل تناقضات العقل و القلب,المنطق و اللا منطق, فتصبح بالنسبة له جزءاً لا يتجزأ من عقله و قلبه و كيانه كله, فتستمر نزواته وعواطفه بإقحامها اكثر فأكثر بتفاصيل حياته,فيجعل منها المتنفس لهمومه و مشاكله و ضغوطاته العملية مجرورة الى الاسريةِ و الزوجية منها,تراه يفقد عقله حين تأخرها او تغيبها عن العمل لساعات او لأيام,وان جلس مع عائلته على سفرةٍ واحدة جلس بجسده فقط تاركأ روحه خارج أسوار هذا البيت, و كأن هذه الزوجة التي رافقته حياة طويلةً بحلوها و مرّها و أنجبت أولاده و جعلت منهم جيلاً يفخر بهم مع الايام,و التي لطالما صبرت على غيابه في سفره و إهماله لها, و تأرجحت على أوتار مزاجه المتقلب ,هي تلك المرأة التي بقيت وراءه حتى جعلت منه رجلا عظيماً يُحسَد على ما هو عليه , قد كبرت و هرمت و اصبحت بلا فائدة او نفع, و كأنها ورقة خريف سقطت على ارصفة طرق باردة بعد ضعفها وانكسارها لتظهر مكانها ورقة ربيع اخرى , لكن لو يدري بأن هذه الورقه قد أُسقِطت بفعل رياحٍ شديدة الهبوب ألا و هو زوجها " المدير",ليعيش هو الاّخر هرماً متجددا يافعاً و شبوبيةٍ واهمة قد خانته بمصداقيتها و أوجدت به عشقاً تالفاً بأنصاف دقات قلب,وسط أنصاف قرونٍ تائهة الخطى,متعطشه النزوات,ملطخاً شعره الابيض بالصبغة السوداء لعل و عسى ينجح في اخفاء ملامح تقدم العمر و الهِرم ,لكنه في الحقيقة يخفي هويته و ملامح الرجل الذي لطالما كان القدوة و المثال المكتمل الزوايا لأولاده و الفارس المخلص المحب لزوجته.
إن الكثير من قارئي موضوعي هذا من المحتمل بأن يعارضوني الرأي وبالاخص ذوو العلاقة انفسهم,لكنني في بدء الامر لم اعمم بل خصّصت قولي"بالبعض الآخر", فلم لا تكوني ايتها الفتاة من البعض نفسه و ليس الآخر منه, انني لا اكتب شيئاً خارجا عن قناعاتي او منطقي كإنسان,والتي قد تم اثباتها بشهادات موثقة من نساء و امهات و زوجات و سكرتيرات ايضا ,او حتى خبراً سمعته في الكثير من الاحيان على فنجان قهوة الصباح,انني لم اشغل هذا المنصب في حياتي, وهو ليس بعيبٍ او حرام او حتى عمل مناف للاخلاق ,ابداً,لكنني اعارض كل فتاة تستغل هذا المنصب لصالحها لتزف على دموع أم و زوجة مكسورة الخاطر جالسةً في بيتها بلا حول لها او قوة,تحرقها افكارها و غيرتها و مشاعر خيانة رفيق دربها للعشرة و المودة,لتزف على قهر أبناءه الذين خسروا أمان العائلة و خسروا تواجد هذا الاب بجانبهم قلباً و قالبا معظم الوقت,و كأن لعنة هذه السكرتيرة قد حلت عليهم وانزلت بسخطها على أركان هذا المنزل,فتصوري ايتها السكرتيرة هذه الزوجة و بادلي أدواركن و لو لثوان معدودة, لتعيشي لحظات الحسرة و الالم و الندم على قلب قُدّم بلا مقابل لرجل قام بإلقائه بعيدا خارج حياته بعد سنوات طويلة, فلا تشعلي حربا ليست لك,و لاتعيشي حياةً ليست ملكك, ولا تسلبي رجلا ليس من حقك,واتق الله في عملك و اخلصي النية فهذا وحده كافٍ لجلب ابواب رزق واسعة و ليس باب واحد, و انت ايها المدير ,ان كنت تخشى الله فاخشى شعور امرأتك,وان كنت تريد البريستيج فالسكرتير الرجل ايضا ينفع لهذه الغاية، فان كنت تشتعظ غيرةً على امرأتك وزوجتك من نظرة الغريب,فما شعورها هي عندما تقوم انسانة غريبة عنها باستملاكها تدريجيا ليس فقط لعقلك و قلبك ووجدانك او حتى لمالك, بل لجسدك وكيانك ايضاً ,فاذخر معروفها معك و اسندها في مكبرها فهي وحدها التي تسندك عند مكبرك,فأقل ما يمكنك فعله,بأن تستوصي بها خيرا, أكثير عليها ذلك؟