يمضي رمضان وسيرحل ونحن العرب في بأسٍ شديد وكوارث لا تُحصى.. وشتات أليم.. وأحقاد قميئة لا علاقة لها بالإسلام ولا بمستقبله ولا بالحفاظ على الهوية الإنسانية التي يجب أن تكون هي المحك الأول ثم تتبعها الخلافات الدنيئة بحجم الدسائس.
أجد نفسي مضطراً لان اعترف بالقول ان الكثيرين من أبناء امتنا البائسة اليوم ما زالوا ينقسمون على أعقابهم خائبين. ما بين فقدان لرجولتهم وما يملكون من نخوة .. وبين تخمة بائسة ترتدّ على أعقابهم.. وهم بين هذا وذاك بائعون لكرامتهم ومباعون بأسواق البلادة والخزي والفواجع.
للأسف اقولها بمرارة ان مصيبتنا كعرب اننا نُجيد الشكوى ولا نعمل على تجاوز دوائر إحباطنا.. أو نخرج على الأقل بدروسٍ حصيفة من عِبَر الماضي وقسوته ونوره على السواء.. واستمرار ما يحدث اليوم لأهلنا في سوريا والعراق واليمن لا يجديه البكاء على ما انفقد.. والتوقف على الأطلال باعتبارها محطة خنوع وشجن هو تثبيط للهمم وزرع أساسيّ للانهيار المستمرّ.
ان أعداء الأمة مستمرون في عصبياتهم وهائمون في حقدهم .. ومواجهاتهم التكفيرية وكراهيتهم لبعضهم، وعنصريتهم البغيضة باسم الدين.. في حين ينقسم المشايخ ومن يدعون انهم علماء الدين على بعضهم بدعوى المذهبية .. فاستباحوا الدماء في أكثر من دولة بفتاوى الجهاد التي يطلقونها ليزيد التحريض على العنف لتصبح الحياة فوضى وتخريب وتدمير للقضاء على كل مقومات الحياة العصرية وهو ما يحصل اليوم .. والدور على من يقبل لنفسة الخنوع لمن نصبوا انفسهم أمناء باسم الدين.. فكلما فتّشتنا عن أصل البلاء وجدناه منا وبسببنا برغم كل الأقاويل التي ترمي بكوارث العرب على غيرهم من البشر خارج منظومة الإسلام.
وأخيراً يجب أن نعلم كعرب أن المؤامرات مهما كانت ومهما طالت كلها ستنهزم وأن الحروب الطائفية والأنظمة الاستبدادية الرخوة كلها ستتلاشى أمام وعي شعبنا العربي الذي يجب ان يمتلك الروح المعنوية العاليه ولن تكون الهزيمة أو النصر الا من داخله، والروح التي تمتص كل الأعاصير كفيلة بأن تحتفظ بقوة الإنبات إنبات القوة القادرة على الفعل والصمود والتحرير وتجاوز كل الأعاصير وتوظيفها لصالح صلابة وفائدة الأمة والانتصار الحضاري في هذا الصراع المقيت الذي يتكالب فيه كل الأوباش باسم العقيدة .
نعتذر منك أيها الشهر الكريم.. كنا نودّ أن نكون بأفضل حال .. لكننا مصرون على الاستمرار في عدائيتنا لانفسنا و مقاطعة روحانيتك بسخفنا وأحقادنا التي لا تنتهي.
والله من وراء القصد