ينتشرُ الجيشُ الأردنيُّ على حدودنا الشمالية والشرقية. جيشنا المحترفُ المنذورُ للدفاع عن هذه الجغرافية القلقة، المُحاطة بالطغاة والهمج. للدفاع عن بلادٍ، لا تريدُ الحرب، ولا تسعى إليها، إلا إذا كانت قدَرَاً لا بدّ منه، لنعيشَ بالممكن في ظروفنا الصعبة، واقتصادنا المخنوق.
الشبابُ على جبهةٍ محتملة. الصواريخُ وصلت الرمثا أكثرَ من مرة. بشار الأسد، بجيشهِ المحترف في الهروب والإجرام سلّم القرى والمدن للدواعش، وسلّم سوريا للموت والخراب. الهمجُ في الأنبار، فماذا بوسعِ أحفاد صالح الشويعر وفراس العجلوني أن يفعلوا، سوى أن يتهيأوا للمعركة، ويدافعوا عن الأبناء والأمهات والشقيقات. أم يريدُ حزب "ليست حربنا" من اليسارُ البعثيّ والأسديّ في عمان، ومعهم التيار الاسلامي أن يروا "الدواعش" في المفرق والرمثا والأزرق والزرقاء.
هي حربنا الدفاعيةُ والمشرفةُ والضروريةُ، لئلا تكون لدينا ولايةٌ للدواعش، ولئلا نسمع "صليل الصوارم" في عمّان. وحين يقفُ شبابنا على الحدود، بيقظة الرجال، وشجاعتهم، فمن العار أن يرفع الدواعشُ في الداخل اصواتهم، ومن المُخجل ألا نقف جميعاً وراء جيشنا. إن تطلّب الأمرُ، نُشكّل جيشاً شعبياً، ولجاناً لجمع التبرعات.
الموظفون من رواتبهم. والأطفال من مصروفهم المدرسيّ، والبيوت من مؤونتها. نحنُ الأردنيون جميعا. الموسرون والفقراء. النساءُ والرجال، يجب أن نحتشدَ خلف جيشنا الذي على الحدود، ونتكاتفَ حول بلادنا، وننتبه من أعداء الداخل المستترين بيننا، بالأكاذيب والشعارات، وبالوقوف الرخيص في الطابور الخامس.
هذه ليست "شوفينية وطنية". وهذا ليس فخراً مجانياً. هذا توجيهٌ معنويٌّ إن شئتم. ثم تعالوا إلى التاريخ من أجل الأمل والثقة. فقد انهزم العربُ جميعاً في المعارك مع اسرائيل إلا قليلاً على بعض الجبهات. جيشنا انتصر مع المقاومة الفلسطينية في معركة الكرامة 1968. هذا ليس من عندي، وليس من الوثائق الرسمية الأردنية. هذا من رئيس أركان الجيش الاسرائيلي حاييم بارليف الذي قال "لقد خسرنا في هجوم الكرامة أضعاف ما فقدناه في حرب حزيران 1967".
وفي حرب 1948، قاد الفريق نواف الحمود معركة باب الواد التي قتل فيها المئات من الجنود الاسرائيليين، وخسرنا 20 شهيداً فقط، وذلك أيضاً من ديفيد بن غوريون الذي قال بعدها أمام الكنيست "لقد خسرنا في باب الواد ضعف قتلانا في الحرب كاملة". ولا تنسوا ثبات جيشنا في معركة اللطرون بقيادة المشير حابس المجالي، ولا في معركة السموع 1966، بقيادة العقيد بهجت المحيسن. استشهد 15 جندياً من جيشنا، في طليعتهم الطيار موفق السلطي، والرائد محمد ضيف الله الهباهبة، الذي حاصر الاسرائيليون سيارته، وقبل أن يشتبكَ معهم في معركة ضارية، ابتلعَ وثائق كتيبته وخرائط انتشارها.
لم يهرب جيشنا من معركة. ولم يترك أسلحته ومعداته للعدو. دائماً وُجد الجنودُ الأردنيون شهداءَ في خنادقهم، أو محترقين في دباباتهم. نثقُ بهم الآن، وهم يُقدمون الطعام والمياه في مخيمات اللاجئين السوريين، ويحملون مرضاهم على أكتافهم. ونثقُ بهم الآن، وهم يحرسون حدودنا، ومنهم من لم ير عائلته في رمضان. وبينهم من لم يحضن أطفاله منذ اسابيع، فلا أقلّ من أن نقف مع رفاق معاذ الكساسبة، نحن الذين ننامُ في بيوتنا مع أهلنا وأطفالنا، فيما عيونُ النشامى لا تنام..
المقال خاص ب عمون .