كتب*محمد الفضيلات
ليس مستغرباً أن يقوم أردني مسيحي بتنظيم وليمة إفطار رمضانية لأصدقائه المسلمين، وليس مستغرباً أن تسيطر على وليمة الإفطار الطقوس الرمضانية التي تبدأ بالتمر والماء والعصائر الرمضانية انتقالا إلى الشوربة، قبل الانقضاض على ما لذ وطاب، وليس مستغرباً أبداً أن يبادر صاحب العزيمة بدعوة ضيوفه إلى تأدية صلاة المغرب، بعد أن يفرد لهم سجاجيد الصلاة باتجاه القبلة، تماماً باتجاهها. الحديث هنا عن المسيحيين الأردنيين وسلوكهم الرمضاني الأصيل وغير الطارئ، يصبح ضرورة عندما يتم التعامل مع ذلك السلوك باعتباره حدثاً غريباً يتحول إلى خبر صحافي تتناقله المواقع الإخبارية والصحف الأردنية، معتقدة أن عناصر الأهمية الخبرية تكمن في غرابة السلوك ودهشته، أو ما يثيره من جدل، وهي عناصر تسقط موضوعياً إذا نظرنا إلى استمرارية السلوك والاعتياد على تكراره سنوياً.
ما يثير الاستغراب، خلال رمضان الحالي، تعامل الأردنيين مع السلوك الرمضاني للمسيحيين، فأن يقوم متطوع مسيحي، للعام الثالث على التوالي، بتنظيم موائد إفطار رمضانية للفقراء والمحتاجين المسلمين، أصبح أمراً مدهشاً تتناقله الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، رغم أنه سلوك يتكرر، وأن تقيم كنيسة إفطاراً رمضانياً تدعو له رجال دين مسلمين وجيران الكنيسة الصائمين، يصبح حدثاً استثنائياً تفرد له إذاعة محلية حلقة من برنامجها الصباحي بدون أن تشير إلى أنه إفطار سنوي لم ينقطع، ويتحول أن يولم مسيحي في حفل زفافه الذي حضره جيرانه وأصدقاؤه المسلمون مع موعد الإفطار إلى معجزة وأعجوبة حديثة، وهم يعلمون أن أجراس الكنائس قرعت أكثر من مرة في العديد من المدن لتنبيه الصائمين إلى موعد الإفطار، في حال حصول ما يمنع المؤذن عن رفع أذان المغرب.
التنبه المفاجئ للسلوك الرمضاني للمسيحيين ليس مريحاً، ويصل حداً يجعلك تشعر بأن مشكلة متأصلة بين المسلمين والمسيحيين يراد إطفاؤها، من خلال التركيز على التفاعل الإيجابي بينهم خلال شهر رمضان الذي لم يأت بجديد. وهنا ومن باب استباق الاستغراب المنتظر حتى لا يقع، فإن المسيحيين سيهنئون المسلمين يوم عيد الفطر، وسيبادلونهم الزيارات، تماماً كما يفعل المسلمون في الأعياد المسيحية.
العربي الجديد