ربما هو جنون من نوع خاص ، أو هروباً من النهايات ،فقد تعوّدت منذ سنوات أن الرواية الأدبية الشيقة التي تمتّعني وتجذبني الى كل فاصلة ونقطة وشَرطة الاّ أكملها وابقي منها آخر صفحات الخاتمة دون قراءة علّي اترك خيطاً وهمياً من الشوق لا ينقطع بيني وبين هذا الجمال..لذا كنت أبقي النهايات مفتوحة مجمّداً آخر الأحداث ومصائر الأبطال عند طي الصفحة التي أقرر فيها التوقف عن القراءة...
خواطر ..هذا البرنامج الذي استطاع ان يصطادني منذ اجزائه الأولى كما استطاع ان يصطاد ملايين المشاهدين على مدار أحد عشر عاماً سابقة .. يعلن هو الآخر كما الرواية الشيقة عن فصله الأخير..كما أعلن مقدّمه وصاحب فكرته المتميز أحمد الشقيري في أولى حلقاته لهذا الموسم..
ليس من السهل أن تقدم احد عشر جزءاً متواصلا بحوالي 330 حلقة تلفزيونية و330 فكرة جديدة وقضية جديدة وحلول جديدة ، ليس من السهل ان تواجه الاستمرار بالنجاح...بأن تضع الاصبع على الخلل في المنظومة الإنسانية،او الاجتماعية او السياسية ، فالبداية الانسان والبذرة الأولى لشجرة الكون هي الانسان وهو النجاح الحقيقي ،فمن لم يبدأ به لن ينتهي الى غيره حتماً...
العام الماضي كتبت في هذه الزاوية مقالاً بعنوان احمد الشقيري شكراً...قدّمت من خلاله جزءاً بسيطا من الشكر الذي يستحقه على جرعة الوعي التي أصر ان يعطينا اياها بشجاعة رغم كل وجبات التغييب الدسمة والإسفاف التي تقدّم لنا على شاشاتنا المختلفة، ولعل الجرعة دائماً ما تعطى بــ»السي سي» والوجبات بالكيلو ..لإن الأولى شافية والثانية قاتلة..
شكراً لأحمد الشقيري ولفريق برنامج خواطر عموماً لأنكم حوّلتم الكرة الأرضية الى «كبسولة» نتناولها كلما شعرنا بدوار التخلف والنكوص والابتعاد عن انسانيتنا وفطرتنا التي جبلنا عليها... شكراً احمد الشقيري ثانية.. لأنكم حاولتم ايصال الرسالة من مختلف بقاع الأرض فقط لتقولوا ان الإرادة تسبق الإدارة .. فإن لم توجد الأولى حتماً لن نحظى بالثانية.. شكراً لأننا عرفنا كيف نفكر ويفكر الآخر.. كيف نعيش وكيف يعيش الاخر.. كيف نكون جزءاً من الوطن .. وكيف يكون الوطن جزءاً منهم... شكراً لأن المقارنات والمقاربات وضعتنا في منتصف درج التنمية .. اما يغرينا سهم الصعود فنرتفع.. أو نستسهل سهم النزول فنتراجع..
الراي