نتهم الحكومات بالهيمنة على حياتنا، وبالتغوّل على مؤسسات الدولة، وبتحوّلها إلى قوى الشرِّ العكسي في عملية الاصلاح، وبفشلها في حل قضايا بالغة الخطورة اقتصادية وتعليمية.. ومع ذلك فإننا نطالبها بالتدخل أكثر إذا انقسم الاخوان المسلمون أو إذا زادت الأحزاب عن ثلاثين حزباً. وندبّ الصوت لانقاذ مجلس النواب من قانون الصوت الواحد، وتهميش الأحزاب.
أول أمس، نشرت صحفنا أن الحكومة منعت نشر كل ما يتعلق بأنباء المعتقل العراقي – النرويجي، وامساك المتفجرات التي جاء بها. وقد سمعنا همهمة بأن الحكومة تمنع المعلومات عن الصحافة والناس.. لكن أحداً لم يقل منذ البداية أن المنع كان بقرار المحكمة.
منذ فترة ليست بالقصيرة، كانت قيادة الاخوان تتهم الحكومة بالتآمر عليها، ومحاولة تهميشها، وذلك في مواجهة مجموعة عارضت من الداخل.. وتضم شخصيات قيادية اخوانية وجدت نفسها تأخذ ترخيصاً باسم الجماعة، وتشكل قيادة جديدة، وتقوم بإجراءات قانونية لوضع كل ممتلكات الاخوان تحت سيطرتها.
كانت قيادة الاخوان تعرف أنها غير مرخصة للعمل السياسي وأنها «جمعية خيرية»..لكنها وبعقلية العنطزة كانت تقول: نحن لا نطلب ترخيصاً.. ونحن أكبر من أن نطلب ترخيصاً.
الآن تطوّرت الأمور، وبدأت قيادة العنطزة تلوم الحكومة لأنها.. لا تتدخل.. وبأنها راضية عن هذا الذي يجري..والحق على الحكومة.
أحزابنا التي فشلت في أن تذهب بمبادئها وعقائدها وخططها الإصلاحية إلى الناس، تريد قانوناً انتخابياً يعطيها «الدور الذي تستحقه» كيف يكون ذلك؟ لم نسمع حتى الآن مقترحاً يمكن أن يعطي أحد الأحزاب أكثر من عضو في المجلس. رغم التعديل الذي يعطي الحزب أو التكتل الانتخابي أكبر دائرة انتخابية – وهي الأردن – وبقي مجلس النواب كيانات فردية عددها 150 كياناً.
وعدداً من الكتل التي تؤكد هذه الفردية أكثر من أن تنفيها.. لأن الكتل غير ثابتة، ومعرّضة للانفراط والاندماج والمزاجية.
..نغضب كربيع عربي، وكحراكات، وكحملة سلاح في وجه الأمن لأن هناك فقراً وبطالة.. ويسأل الناس هل يحقق التظاهر والاعتصام وتحويل مدننا إلى ساحات معارك ضد الأمن إلى تشغيل الناس وملء جيوبهم بالمال؟!.
نتنمر على الحكومة ونطالبها في الوقت ذاته وما نقوله ليس دفاعاً عن أيّة حكومة.. وإنما هو مطالبة الناس بأن ينسجموا مع أنفسهم، وأن يتعاملوا مع الأسباب والنتائج بمنطقية.. فعلينا أن نعترف بأننا عاجزون في العمل العام، فكيف نطالب الحكومات بأن لا تكون.. عاجزة؟.
الراي