عمون - مجد الصمادي - يتناسى الكثيرون من الأبناء واجباتهم وحقوقهم تجاه والديهم، وأحيانا يتجاهلون ذكريات الماضي الجميل ولا يتمنون أن يعود الزمان إلى الوراء ليعرفهم بتعب السنين.
الام السبعينية (عائشة) التي رفضت هذه التسمية، لأنها لم تعد تسمعها ولا ترى من يمنحها اياها، وجدت نفسها وحيدة بعد أن وضعها ابناؤها في مركز للعجزة " كنت أتمنى أن يعود الزمان لأعيش وسط أبنائي وأسمع أصواتهم واشتم رائحتهم، ولكنهم قطعوا كل أوصال الأمومة ومعانيها الجميلة، وهجروا كل شيء"، كما تقول.
وكما تتحدث وهي في حالة من الحسرة على ضياع تعب العمر، حيث تركها أولادها وحيدة،" لا أعرف اي قلوب يحملها الأبناء بعد أن ارتحلوا إلى عالم بعيد، لقد قصروا في حقوق من والدتهم وسهرت الليالي على تربيتهم، لكنهم الآن لا يتذكرون فقد بخلوا بالمال أو حتى الزيارة ، بذريعة مصاعب الحياة، وحجج غير واقعية ".
وتتابع .... "إنهم يتحججون بأن الواحد غير قادر على مصاريف بيته وعائلته، ولكنهم يتجاهلون أن اللّه ينتقم من كل عاق، ولو بعد حين".
ولا تجد السبعينية التي يشع من وجهها النور... تتيه في محيطه مسامات العطف والحنان، وقت الإفطار في رمضان من يجهز الطعام لها ويساعدها في قضاء حاجتها، دموعها لا تجف، حيث خطت على وجنتيها تفاصيل الحياة، متسائلة ماذا فعلت بحق ابنائي ليتركوني على قارعة الطريق؟.
وهذه الحاجة(أم عمر)التي تعيش وحيدة أيضا وقد انهكها التعب والمرض، فلا تجد سوى أهل الخير والجيران الذين يعطفون عليها، وتحضير الأدوية لها وخاصة ادوية السكرى،"إذ انني اخاف كثيرا من مضاعفات السكرى أن تتركني بعيدة عن الناس "، كما تقول . تتمنى (ام عمر )رغم البعد الذي خلفه الأبناء أن تراهم ويعيشوا حولها،لأنهم هاجروا وذهبوا من أجل المال ولكنه في النهاية لن يكون أفضل من بر الوالدين.
حال (عائشه) و(ام عمر ) كحال العديد من الأمهات والأباء الذين هجروهم ابنائهم وبناتهم وخذلوهم في تواصلهم وتعاطفهم مع آبائهم الذين افنوا شبابهم لرعايتهم.
مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبدالكريم الخصاونة قال لوكالة الانباء الاردنية (بترا) ان دائرة الافتاء وبموجب الفتوى رقم 34676 بينت أن الاسلام دعا الى بر الوالدين والاحسان اليهما ومساعدتهما بكل وسيلة ممكنة بالجهد والمال لقوله تعالى " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما، فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا " الاسراء 23,24 .
وقال إن الاسلام يعتبر البر بالوالدين من أفضل أنواع الطاعات التي يتقرب بها المسلم الى الله تعالى، ولذلك أوجب الاسلام لهما حقوقا ينبغي على الأبناء مراعاتها ما لم يأمرا بمعصية، مشيرا الى أن جملة الحقوق الواجبة على الأبناء تجاه الاباء الاحترام المطلق في جميع الاوقات والانفاق عليهما وتحقيق وغباتهما قدر الاستطاعة دون تأفف او ضجر وقد ورد في قانون الاحوال الشخصية الاردني في المادة 197/أ ما نصه " يجب على الولد الموسر ذكرا كان او انثى كبيرا او صغيرا نفقة الوالدين الفقيرين ولو كانا قادرين على الكسب".
واشار الى أن الشريعة الاسلامية حذرت من عقوق الوالدين وعدم طاعتهما وتوعدت العاق بتعجيل العاقبة في حياته قبل موته، فقد قال الرسول الكريم عليه السلام :" كل الذنوب يؤخر الله ما شاء منها الى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين ، فان الله تعالى يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات" رواه الحاكم.
وقال الخصاونه إن من يبر بوالديه له بشرى من الله عز وجل ومن رسوله عليه السلام، فينعم البار بوالديه برضى الله لقوله عليه السلام :"رضى الرب في رضى الوالد وسخط الرب في سخط الوالد"، ويكفر الذنوب العظيمة ويكون مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة وسبب لدخول الجنة.
وأوضح أن بر الابناء بابائهم يجب أن يسبقه بر الآباء بابنائهم وذلك من خلال التربية الصحيحة التي تبدأ قبل الزواج واختيار الزوجة الصالحة وتعليم العقيدة الصحيحة في قلوب الاولاد منذ الصغر، وتحبيب الاولاد في القرآن وحفظه وارتياد المساجد وان يكون الوالدان مثالا للقدوة الصالحة فهي الخطوة الأهم في التربية. بترا