لماذا ارتفع منسوب العنصرية في الولايات المتحدة ؟
جهاد المومني
06-07-2015 04:26 AM
الجواب تختصره الحقائق التي تصاعدت منذ عام انتخاب اول رئيس اسود في تاريخ الولايات المتحدة الاميركية، الهجمات ذات الطابع العنصري ضد السود تزايدت بنسب متفاوتة من ولاية الى أخرى، لكن الشيء المشترك في كل هذه الوقائع انها تعكس حنقًا ابيض يظهر من خلال التصرفات العصبية لعناصر الشرطة الذين لا يترددون عن استخدام العنف ضد السود كرد أولي على المخالفات العادية التي ترتكب ولا تحتاج لمعالجتها الى العنف باستخدام الهراوات واللكمات وتكبيل الايدي والاعتقالات الليلية.
قبل وصول الرئيس الحالي الى البيت الابيض شهدت الولايات المتحدة تحسنا في مستوى التعايش بين الملونين او ما يعرف بالوئام المجتمعي، فقد تراجعت مؤشرات العنصرية ضد السود بشكل خاص، حتى ان بعض المدن الاميركية لم تشهد حوادث تذكر على هذا الصعيد، لتقع المفاجأة بعد سنة واحدة على انتخاب الاميركيين لرئيس اسود في عام 2008، ويعاد انتخابه بعد اربع سنوات، فقد تزايدت حوادث التمييز والكراهية بنسبة عالية، ووصلت حد استخدام القوة المفرطة في التعامل مع مخالفات السير وتعاطي الحشيش او حتى ازعاج الجيران.
سببان يفسران تجدد اعمال العنف ضد السود في الولايات المتحدة الاميركية منذ انتخاب الرئيس باراك اوباما:
السبب الاول يتعلق بمشاعر السود انفسهم بعد وصول اول رئيس اسود منهم الى اعلى سلطة في الولايات المتحدة، ثم انعكاس هذا الانتصار على تصرفات السود والتغيير الكبير الذي شهده الشارع الاميركي كما المدرسة كما الجامعة والمؤسسات التعليمية والوظيفية الاخرى، فقد تزايدت حوادث استفزاز البيض نتيجة شعور السود بنشوة الانتصار، ووصل الاستفزاز الى وسائل الاعلام بمختلف اشكالها، حتى ان بعض الاعلاميين السود مثل (اوبرا ونفرلي) اثارت جملة من القضايا ذات الطابع الاستفزاي وبما يرفع من شأن السود على حساب البيض، والمتتبع للحياة الاميركية سيسهل عليه ملاحظة ان افلام هوليود السينمائية غلب عليها الطابع الاسود منذ سنوات، وتغير موضوعها ليحمل الاميركي الابيض المسؤولية عن تردي حياة السود، ويعيد الى الاذهان سنوات العبودية والتمييز العنصري، ويقدم واقعا جديدا تمثل بانتصار العرق الاسود عبر صناديق الاقتراع امتدادا لصراع السود مع الحرية والحقوق المدنية التي قتل من أجلها مارتن لوثر كنغ، ومما يشار اليه هنا ان العديد من الافلام الاميركية الجديدة خصصت لاعادة رواية حياة ابطال الصراع من أجل هذه الحقوق المدنية.
السبب الثاني لارتفاع منسوب الكراهية ضد السود والملونين بشكل عام يرتبط بالاوضاع العالمية عموما والحروب المشتعلة في مناطق الأعراق الملونة، مثل منطقة الشرق الاوسط وافريقيا، ويربط الاميركي بين مواطنيه الاميركيين السود واصولهم من مختلف اصقاع الارض سواء من حيث اللون او الدين، ويتحمل المسلمون المسؤولية في تفاقم هذا العامل لأن غالبيتهم في وسائل الاعلام الاميركية من ذوي اللون المائل للأسود، وهنا تتجلى الكراهية على اسس سياسية، فالشرطي الاميركي لا يبذل جهدا للانشغال في لعبة الالوان والاسماء ويميز بين هذا الاسود او الاسمر وغيره، فالجميع بالنسبة له غرباء انتخبوا رئيسا اسود فتحولت أميركا الى قارة يديرها السود والملونون مما فاقم من الاحساس بالخسارة لدى الغالبية من الاميركيين البيض بمن في ذلك الاميركيون من اوروبا الشرقية وايطاليا والاميركيون من أصول لاتينية.
بدأت ماكنة الاعلام الابيض عملها في اطار حملة لا تزال في بدايتها لتسخيف الرئيس الاسود وادارته، وظهرت على شاشات التلفزة برامج تهزأ من الرئيس ومن حاشيته التي تلونت ايضا باللون الاسود منذ مجيء باراك اوباما، اما في السينما والمسلسلات التلفزيونية الساخرة فالحملة تشتد لدرجة توجيه الاهانات احيانا للرئيس اوباما الذي سيخرج من البيت الابيض بعد سنة، ويراد له ان يخرج من التاريخ الاميركي ايضا.
العرب اليوم