تشكلت الحكومة وغابت القدس
راسم عبيدات / القدس
18-03-2007 02:00 AM
...... القدس في العيون نفنى ولا تهون ، والقدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقله ،
والقدس خط أحمر ، والقدس ستكون عاصمة الثقافة العربية في عام / 2009 ، والقدس ليست قضية
الفلسطينيون وحدهم ، بل قضية كل العرب والمسلمون ، لما لها من معاني وأهمية تاريخية ،
ودينيه ، وروحانيه ، وثقافيه وسياسيه ، ولأن القدس أحد مرتكزات الصراع العربي –
الإسرائيلي ، وأحد مرتكزات البرنامج الوطني الفلسطيني ، والتي لا يمكن أن يكون هناك أي
حل سياسي بمعزل عن تأكيد عروبتها وإسلاميتها من خلال السياده الفعلية والكاملة عليها ،
وفي ظل المخاطر الجسيمة التي تتعرض لها المدينة المقدسة ، والتي تستهدف البشر والحجر
والشجر من قبل الإسرائيلين ، وبما يضمن تهويدها أرضا وأسرلتها سكانا ، فإنه كان من
المأمول والمتوقع ، أن تكون القدس على رأس سلم أولويات صناع القرار فلسطينيا ، سواءا في
الرئاسة أو الحكومة ، أو حتى في الفصائل ، ولكن يبدو أن هناك بون وفرق شاسع بين
الشعارات ، الخطب ، و" الهوبرات " الإعلاميه ، ولغة دغدغة المشاعر والعواطف ، وما يجري
على الأرض من ترجمات وأفعال ، لا ترتقى الى الحدود الدنيا من المسؤولية والإهتمام ، بل
أن هناك شعور يتعزز عند أهل المدينة المقدسه ، بأن هناك تخلي عنهم فيما يخص القضية
السياسيه الوطنية ، والهموم المباشرة إقتصاديا وإجتماعيا ، وأنا لست بصدد سرد ، كل
إخفاقات وإهمالات وقصورات صناع القرار الفلسطيني ، بحق المدينة المقدسة وأهلها العرب
الفلسطينيون ، لإنني تطرقت إليها في العديد من المواضيع السابقة ، ولكن هناك العديد من
القضايا المفصلية والتي يجب التوقف أمامها ، لكونها تشكل مؤشرات جدية على أن الموقف
الفلسطيني ، من القدس وأهلها يتسم بالميوعة وعدم الصلابة والضبابية ، ففي الإنتخابات
التشريعية الأخيرة ، كان هناك إصرار من أهل القدس ، على ممارسة حقهم الديمقراطي
بالمشاركة في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية ، كونهم جزءا أساسيا من الشعب الفلسطيني
، وكون القدس العربية محتلة وفق القانون الدولي ، وبالتالي يجب عدم الرضوخ للشروط
والإملاءات الإسرائيلية والمتعلقة بعد السماح للسكان العرب والواقعين ضمن حدود ما يسمى
ببلدية القدس الإسرائيلية ، بالمشاركة في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية إلا من خلال
صناديق البريد الإسرائيلية ، وبما يمس هويتهم وعروبتهم وقوميتهم ، والسلطة الفلسطينية
والأحزاب والقوى ، بدلا من أن تدعم وتساند أهل القدس في موقفهم ، وتجعل من مسألة
المشاركة في الإنتخابات التشريعية خارج إطار الإشتراطات الإسرائيلية ، معركة نضاليه
تسرع في حسم مسألة السيادة على القدس ، رأينا بدلا من ذلك أن الفصائل والأحزاب مجتمعة ،
قبلت الإشتراطات الإسرائيلية السابقة ، بل أن إسرائيل أبدت تراجعا عنها ، بمنع قوى مثل
حماس والجبهة الشعبية من المشاركة فيها ، تحت يافطة أنها قوى " إرهابيه " ، وشنت حملة
إعتقالات في صفوفها على هذه الخلفية ، وأعتقلت الكثير من عناصرها وأعضائها ، قبل أن
تتراجع عن موقفها وتسمح لها بالمشاركة ، تحت الضغط الأمريكي ، والمستغرب هنا أن البعض ،
كان يرى أنه إذا إستمرت إسرائيل في تعنتها ورفضها السماح بإجراء الإنتخابات في القدس ،
فإنه يجب البحث عن صيغة أخرى ، كأن يجري التوافق بين القوى والأحزاب على عدد من
الممثلين في القدس دون إجراء الإنتخابات فيها .
ثانيا منذ وفاة المرحوم فيصل الحسيني ، لم يتم فرز وتحديد عناوين ومرجعيات واضحه ، لإهل
القدس ، سواءا ما يخص قضاياهم السياسية الوطنية ، أو الهموم والقضايا المباشرة إقتصاديا
وإجتماعيا ، وتركت المسألة للهمة والجهد الفردي والفئوي المبعثر ، أو لعلاقة هنا أو
هناك ، والقرب والبعد من مصدر القرار والنفوذ ، أو الروابط الحزبية والعشائرية والجهوية
. ثالثا :- في إطار حسم مسألة السيادة على القدس ، تقوم إسرائيل بحملة واسعة لعزل القدس
عن محيطها الفلسطيني ، سياسيا ، جغرافيا ، إقتصاديا ، إجتماعيا وديمغرافيا ، وتجند لذلك
كل أجهزتها ومؤسساتها الرسميه وغير الرسيمة وإمكانياتها داخل البلاد وخارجها ، وعززت
هذا التوجه ، بإقامة جدار الفصل العنصري حول المدينة المقدسة ، وأحزمه إستيطانية حولها
بالكامل ، وترافق ذلك ببناء وتعزيز الإستيطان ، في قلب الأحياء العربية ، والبلدة
القديمة ، وهذه السياسات وما نتج عنها ، من تطهير عرقي وتهجير قسري للسكان والمؤسسات
خارج إطار المدينة المقدسة ، إستمرت الردود الفلسطينية الرسمية عليها في الإطار الشكلي
والخطابي والشعاري ، والكلام الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، من طراز " على القدس
رايحين شهداء بالملايين " ، والقدس كانت وستبقى عربية ، ولا سلام بدون القدس ، والقدس
مفتاح الحرب والسلام وغيرها ، كل ذلك عزز من حالة الإحباط واليأس في صفوف المقدسيين ،
من السلطة والرئاسة ، وعندما وصلت الأمور حد تهديد المقدسيين ، برفع قضايا على السلطة
والرئاسة ، بسبب قصورهم وإهمالهم بحق المقدسيين ، وإستعمالهم الأموال التي تجبى باسم
القدس ، لأغراض وأهداف ليس لها علاقة بأهل القدس ، هذا بالتالي دفع بالرئاسة الى إحالة
ملف القدس الى دائرة في مكتب الرئاسه ، وهذا يعني أن المسألة هي لذر الرماد في العيون ،
فلا يعقل أن قضيه بحجم قضية القدس ، يجند لها الإحتلال كل إمكانياته وأجهزته وإمكانياته
، يتم إختزالها الى مجرد دائره في مكتب الرئاسه ، وهذا ما يستشف منه ، أن قضية القدس
والمقدسيين ، هي قضية هامشيه لصناع القرار الفلسطيني ، وهذا الإعتقاد والشعور تعزز بشكل
واضح ، عند تشكيل الحكومة الفلسطينية ، حيث لم يتم ترشيح ، ولو في الإطار الشكلي وكما
جرت عليه العادة وزير لشؤون القدس ، والمسألة ليس من باب الجهوية أو المناطقيه ، بل
قضيه بهذا الحجم وهذه الأهمية ، وكون الإحتلال عاقد العزم على فرض وقائع وحقائق على
الأرض ، تجعل من الصعب القفز عنها في أية تسوية سياسية مقبلة ، فإن تهميشها بهذه
الطريقه ، من شأنه أن يزيد من إحباط وفقدان الثقة بين المقدسيين تجاه السلطة الفلسطينية
، وهذه الخطوة التي أقدمت عليه السلطة الفلسطينية من تقزيم لقضية القدس ، وإختزالها الى
مجرد دائره في مكتب الرئاسة ، يستوجب من أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني التوقف أمام
هذه المسألة ، بما في ذلك حجب الثقة عن الحكومة بسبب سياساتها ، التي أقل ما يقال عنها
، أنها تسليم بالسياسات والإجراءات الإسرائيلية في المدينة المقدسه ، ومن هنا فإن على
المقدسيين رفع صوتهم عاليا ، والقول بأننا سنبقى متشبثين بالبقاء والصمود على أرضنا ،
وسنستمر في التصدي للمارسات والإجراءات الإسرائيلية وفق قدراتنا وإمكانياتنا ، ولكن
ضياع القدس وتهويدها ، أول من يتحمله هم أصحاب " الفرمانات " والمتقاتلين على وهم
السلطة ، والعرب والمسلمين أجمعين .
البريد الالكتروني
rasim@shepherdsfieldymca.org