الإعلام من التحليل إلى التضليل !
خيري منصور
05-07-2015 03:47 AM
كان من المتوقع ان تنتهي فلسفة الاستقطاب التي تبناها الاعلام العربي الى التضليل تحت شعار التحليل فهو لم يحقق حتى الحد الادنى من نزاهته، بل تحول بعض قنواته الفضائية الى خنادق وغرف عمليات، والضحية في جميع الحالات هو المشاهد او المستمع، الذي لا حول له ولا قوة، وليس امامه اي سبيل لتلقي معلومات تتيح له المقارنة بسبب الغياب شبه التام للشفافية بمختلف تجلياتها؟
وكنا نتصور ان تفاقم الأوضاع الذي بلغ حدا كارثيا سوف يضع حدا لهذه الظاهرة، لكن ما حدث هو العكس وهو صب المزيد من البنزين على النار كي تلتهم ما تبقى وهو ليس كثيرا على اية حال!
وما يرعبنا احيانا ليس الداء رغم انه عضال، بل الوصفات التي تقدم جزافا لمعالجته، فالاسبرين او الكمادات المنقعة بالماء البارد لا تشفي التهاب السحايا الذي نتج بسبب اللامبالاة والجهل من مجرد سخونة طارئة!
ان العرب الان يدفعون ثمن ما تأجل من استحقاقات ويحصدون ما زرعوا قبل قرون وليس قبل عقود كما هو شائع، فالتعايش الذي يتحدث عنه من تخصصوا في الاختزال المخل والخصخصة الطائفية واشباه الجمل السياسية لا يكون قسريا او تحت سطوة القوة، لأنه عندئذ يقدم صورة سطحية واستعراضية مضادة لما يدور في العالم السفلي المسكوت عنه لمجتمعات تخوض حروبا اهلية تحت عناوين مضللة، لهذا فإن ما كان ذات يوم مجرد وعكة او جملة معترضة اصبح الان مناخا سائدا وثقافة مقررة يسعى الاعلام الى بثها على مدار الساعة، والتفاوت بين ما يجري في الواقع وبين المقاربات الاكثر تداولا اعلاميا الان ينذر بالمزيد من المصائب التي تحولت على ما يبدو الى فوائد لمن يعيشون على الدم، ويتغذون من كل ما يلحق الاذى بالاخرين، فالذباب قد يعفّ عما يقترفه بعض سماسرة الدم من جرائم، اعرف ان ما يعج به الواقع العربي الان من صخب وسجال ودم يسفح بالمجان لا يتيح لنا ان نفكرخارج الانفعال، لكننا مطالبون ولو بحد ادنى من العقلانية كي نقرأ ما يجري حولنا من الجهات الخمس وليس الاربع فقط، لكن الامية السياسية التي تحالفت مع الامية الابجدية وسائر الاميات التي تعصف بنا تحول دون قراءة ما يحدث واذا كان لكل سيناريو سيناريست فان السيناريوهات الثلاثة التي حولت وطننا الى شبه جزيرة من الدم وهي السيئ والأسوأ والأشد سوءا يبدو السيناريست الذي صاغها على مهل مجهولا وفي احسن الاحوال نائب فاعل!
الدستور