قبل عقود من الزمان كانت الاسر الميسورة ومتوسطة الحال توفد بعض ابنائها لتلقي التعليم في البلدان المجاورة وبعض الجامعات الاوروبية لدراسة الطب والهندسة والعلوم المختلفة.. وما أن ينهي الابناء دراستهم ويعودوا الى بلدهم حتى يجتمع الاقارب والاصدقاء لاستقبال العائد بموكب وزفة لا تقل عن مواكب الاعراس في ايامنا هذه..
بعض الشباب العائدين من اليونان وايطاليا وهنغاريا واوكرانيا واسبانيا يعودون بشهادتين الاولى من الجامعة والثانية شهادة زواج باحدى الزميلات او الفتيات التي جرى التعرف عليها في بلد الدراسة فتتضاعف فرحة الاسرة التي غالبا ما تكون على حساب مشاعر ابنة العم التي ظلت تحلم لسنوات بالمستقبل الزاهر بعد عودة الفتى الذي تمنته لنفسها وبقيت تعد الايام وتعرض عن الخطاب املا في ان تشارك الفارس العائد رحلة العمر.
ما أن يعود الشاب الذي حقق احلام الوالدين ورفع رأس العشيرة التي دخلت في سباق مع مثيلاتها في عدد الاطباء والمهندسين والمحامين من ابنائها حتى تبدأ الاستعراض بانجازها تارة على صفحات الجرائد وتارة في نصب الاقواس واخرى في ترتيب الدعوات على شرف العائد والقرى الذي يدعى له كبار البلد ومخاتيرها ولفيف من ابناء البلدة النافذين في مجالات المهن والادارة والاعلام.
الاعلان التقليدي الذي يظهر في الصحف طوال الايام التي تسبق وتصاحب عودة الخريج يرد تحت عنوان "شبابنا الناهض" حيث يليه "عاد الى ارض الوطن قادما عن طريق الرمثا فلان بن علان بعد ان حصل على البكالوريس في الطب البشري من جامعة دمشق بتقدير جيد جدا ومع مرتبة الشرف الثانية" بعدها يشار الى تهنئته ووالديه وعشيرته على هذا الانجاز الذي سيضعه في خدمة بلده وامته وقيادته......ألخ"
الاعلانات الاهم ترد على النحو التالي "شبابنا الناهض" ...عاد الى ارض الوطن عن طريق مطار ماركا الشاب فلان بن علان بعد أن عمل كذا وكذا نهنئ والديه واسرته واصدقاءه بهذا النجاح الباهر...
بالرغم من اختفاء هذه الاعلانات من صحفنا هذه الايام الا أن البعض يعتقد بانها ما زالت موجودة فيعلنون عن نشاطاتهم الشخصية خارج البلاد حتى نصطف لاستقبالهم عند عودتهم فهم بذلك يخدمون العشيرة والامة والبلاد والعباد....
اعادة التأهيل في برامج تجري صياغتها خارج الحدود او المناكفات التي يدخل فيها من يظنون ان بامكانهم احظار طاقية الجان... او يأتون من سبأ بنبأ عظيم محاولات بائسة وأن نجحت..
لا احد ينكر مواهب الابناء العائدين بارواب التخرج لكن الاعداد والتأهيل للمرحلة الحالية والقادمة يحتاج الى خدمة العلم ودورة صاعقة وكشف حساب مصدق وبراءة ذمة وحسن سلوك تقره السرايا والقرايا معا.