الحلف المستحيل بين الأردن ودمشق الرسمية
ماهر ابو طير
04-07-2015 04:55 AM
لايمكن للأردن أن يتحالف مع بشار الأسد لمحاربة «داعش»، والدعوات لتحالف جديد «أردني- تركي- سوري- عراقي»، لمحاربة «داعش»، دعوات ناقصة،لأنها تقفز عن حقائق خطيرة.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو صاحب الدعوة، وخرج مسؤولون عرب يرددون ذات الدعوة، وهي ذات الرسائل التي اطلقتها دمشق الرسمية سابقا، للتنسيق مع دول الجوار ضد «داعش»، وكأننا امام تنظيم باتت مهمته إعادة اعتماد دمشق الرسمية، كوكيل لمحاربة الإرهاب، وفي الاعتماد اقرار بفشل الثورة السورية من جهة، وبقدرة دمشق ايضا، على الصمود، وجعل خطر داعش، سببا في الركوع عند قدميها.
ذات تركيا وعلى لسان رئيس الحكومة احمد داوود أوغلو تتحدث عن انها لن تتدخل في سورية، إلا إذا حدثت اخطار تهدد الأمن التركي، ومعنى الكلام ان تركيا في لحظة ما يهددها الأكراد او داعش، ستقوم بالدخول براً وانشاء منطقة آمنة على حدودها، والمعلوم هنا أن انقرة لن تتردد في هذه الخطوة اذا تم تنفيذها بالتوافق مع الاردن، الذي قد يجد نفسه مضطرا للدخول البري ايضا، اذا نشأت قربه إمارة دينية، او تواصل سقوط الصواريخ على اراضيه، حتى لو كانت (مبينة للمجهول) من حيث مصدرها.
موسكو تريد -بكل صراحة ووضوح- ان تعيد ترتيب المعسكرات في المنطقة، فالأردن وتركيا استوعبا ملايين السوريين، ودمشق الرسمية تتهم الاردن وتركيا بدعم الفوضى في سورية، والازمة السورية باتت تركية وأردنية في بعض فصولها، ولأن السياسة لاتعرف الثوابت، تريد موسكو توظيف ملف داعش، لإعادة بناء حلف «سوري- أردني- عراقي- تركي»، ضدها، وهكذا حلف يعني اولا اسقاط العداوة الدولية والاميركية والعربية للنظام السوري، والتوقف عن دعم الثورة، والانقلاب نحو دعم النظام بذريعة داعش.
رسالة موسكو العميقة موجهة ضد واشنطن، وكأنها تقول ان المعسكر الأمريكي وتوابعه لم ينجحوا في اسقاط النظام السوري، بل تسببوا في تصنيع «داعش»، وان واجب واشنطن وحلفائها، التكفير عن هذا الخطأ، بالعودة الى حضن النظام السوري، والشراكة في الحرب على الإرهاب.
من الاستحالة هنا، بناء مثل هذا الحلف، لاعتبارات كثيرة، اقلها بحر الدم الذي يقف حائلا بين المجتمع الدولي والنظام السوري، من جهة، واستحالة تجاوز آلام السوريين بالقول لهم متأخرا ان الحرب اليوم باتت ضد داعش وبالشراكة مع النظام، والعقبات في وجه هكذا دعوة تبدو متعددة.
على الأرجح ان الحرب ضد داعش قد تكون ممكنة بالتعاون مع دمشق الرسمية عبر شكل غير مباشر، اي صمت دمشق، عن اي تدخلات من دول الجوار في مناطقها عبر الجو أو البر لمحاربة داعش، وهذا امر ايضا محفوف بالخطر ايضا، لأنه قد يصب فعليا في إطار تخفيف الضغط عن دمشق الرسمية، ومحاربة داعش نيابة عنها.
ثم ان السؤال المطروح بقوة، يتعلق بسبب عدم محاربة دمشق ذاتها لـ»داعش»، وهذه الإخلاءات الجغرافية في العراق وسورية لصالح التنظيم، من أجل تكبيره وتحويله الى خطر اقليمي يهدد الأردن والسعودية وتركيا، والذين يطلعون على المعلومات يعرفون ان هناك اخلاءات جغرافية بمثابة السحر لهذا التنظيم الذي لايقهر، فوق ترك الأسلحة بين يديه، ولعل المفارقة أن العالم يستعمل التنظيم ضد دمشق الرسمية، وذات دمشق الرسمية تعيد استعمال التنظيم برد أخطاره الى دول الجوار، فهي لعبة ثنائية محفوفة بالخطر والتناقض.
لن يقبل الأردن تنسيقا مع دمشق في هكذا حرب، والأغلب أن كل دول العالم، لن تقبل تشكل مثل هذا الحلف، لأن في هذا الحلف اقرار واعتراف متأخرين ان العالم اخطأ بحق دمشق الرسمية، وهاهو يعود صاغراً عبر بوابة الشراكة في الحرب ضد داعش.
الدستور