نعاني كأردنيين من ظاهرة القلق الشديد, والعصبية تجاه الأمور, واعطائها بُعداً اكثر من اللازم, وهذا امر قد يسهل تفسيره في ظل الضغوطات المتزايدة يوميا على المواطن, سواء من الحكومة الرشيدة او من بعض وسائل الإعلام التي حولت الصالونات السياسية الى صالونات "حكت جارتنا", ولا ننسى طبعا الدليل الدائم في نقل الخبر بين الأشخاص...والمتكثف كثيرا في عبارة "هيك بحكوا" او "الناس كلها بتعرف" وللأن لا نعرف من هم الذين "بحكوا".
فلا يمر يوم إلا والأردنيون "مدووشين" بقصة, ومع تطور وسائل الإتصال لا يتوقف الأمر في الحديث عن الدوشة على "نفس ارجيلة", او قعدة بدكان ابو فلان, بل تطور تبعيا لتطور العالم فأصبحت مراحله متعددة ففي البداية، يحصل الحدث الذي ينتهي قبل ان يبدأ "الشير" "والتغريد" فيه, فينشر في اول صحيفة تتابع احداثه ويقوم محرر مناوب في هذه الصحيفة بعمل الصحافة المدهش –النادر في يومنا هذا- لينشره تحت بند "حصري" –طبعا مع بعض المنكهات الخفيفة- التي لا تضر بمحتوى الخبر, لينتقل مباشرة الى باقي المواقع بالنسخ واللصق (طبعا يتم تناسي ذكر المصدر) الا من رحم ربي فينشره , او يتم نقل المحتوى بتغيير الكلمات وزيادة كمية البهارات، بعدها... ومن العديد من الجبهات ومختلف السياسات يجتاح الخبر وسائل التواصل الإجتماعي, لتجد من نفس الخبر ما يرضي كافة الفئات، فصياغته تكون بما يرضي جمهور هذه الصحيفة (مع او ضد) (ذم او مدح) فذلك يختلف حسب كمية البهارات وعملية طبخ الكلمات.
ثم وبعد ذلك تتم عمليات الشير للخبر ليلحق بتعليقات تنم عن قلق المتابع مثل – قربت- او –الدنيا اخر وقت- او ما يدل عن الغضب او الاتهامات, حتى يصل لمرحلة –دق باب- كل ايفون واندرويد في البلد, فيظهر بعض الكتاب للحديث عن الموضوع في مقالات ذات أسلوب عائم، لتضخيم العملية وزيادة القلق بأسلوب انشائي. فيتحول بعد ذلك الأمر الى نكت و مضحكات "واتس اب" وينتهي قلق الخبر استعدادا ليوم جديد وخبر مقلق جديد.
في الفترة الأخيرة، تداول الأردنيون عددا من الأخبار..ادخلت القلق الى النفوس..
أنا مع فكرة بل ضرورة وجوب القلق لكن بحده المعقول والمنطقي ضمن سياق الوعي واليقظة، فكما يقول المثل –الزايد اخو الناقص- والقلق المتزايد من الأمر قد يتحول الى فوبيا، وهو آخر ما يحتاجه الأردنيون في محيط حولهم هو فيلم رعب بحد ذاته.
ومن هذه أخبار الإختطافات و الهروب التي حصلت, والتي نتج عنها التهويل في الحكايات بل انتهت إلى تسفيهها لجعلها طرائف اكثر من ما نتج عنها تحليل وتفسير لأسباب حصولها وكيفية علاجها.
الاستاذ فايز الفايز كتب على صفحة الفيسبوك الخاصة به معلقا على الموضوع "ليتذكر كل إنسان فينا أن لديه فتيات في سن المراهقة بحاجة الى ان تفتحوا أحضانكم وقلوبكم لهن باختصار صادقوهن،، لا أن تتصدقوا عليهن بالعطف والثقة والمال وكأنهن عمال مياومة في بيوتكم." واضاف ان لا حق للناس في معرفة القضية, فالموضوع خاص, والقلق يجب ان يكون خاصا وعائليا فبدل ارسال النكت عن الموضوع لنعمل بصمت على حماية ابنائنا بعيدا عن التهويل والتضخيم, سواء كان من الأفراد او من المؤسسات الإعلامية,فهناك اجهزة في الدولة تعمل لهذه الأمور, وعمليات ضخ الإشاعات والأخبار الشائبة لن تسرع في عملية الحل, بل تزيدها.