المعارضة السورية .. هل ستصبح شكلا آخر لسياسة البعث؟
أروى الجعبري
04-07-2015 04:09 AM
من المستهجن جدا ما يحدث حاليا في سوريا.. ويبدو أن ثورتها في الطريق بشكل أو بآخر إلى نهاية شبيهة بنهاية ثورة مصر، أي العودة من جديد لشكل آخر من الحكم الدكتاتوري الشوفيني بنظرته الضيقة إلى مكونات الشعب، مع ملاحظة أن المشكلة في سوريا ستكون أكبر بسبب تنوع نسيج شعبها دينيا وإثنيا..
ففي الوقت الذي اتضح فيه للجميع الآثار السلبية لما عرف بـ (نظام البعث العربي) والذي أصر على تغيير الواقع التاريخي والعرقي لسوريا وصبغها بصبغة العروبة مستخدما في ذلك كل وسائل الترهيب والقمع - وبشكل خاص ضد الأكراد - و التي تشابهت في بعض الأحيان مع السياسات الاسرائيلية في فلسطين، لا بل و تفوقت عليها في أحيان أخرى من خلال ما عرف ب ( الحزام العربي ) كمثال على ذلك والذي تم من خلاله مصادرة آلاف الدونمات من أراضي القرى الكردية ثم توطين بعض القبائل العربية فيها لتعريبها بالقوة، بالإضافة إلى تغيير أسماء القرى الكردية و استبدالها بأسماء عربية ( قح ) و كأن الانتماء القومي يتم بالغصب و الإكراه!
كل ما سبق من سياسات قمعية مارسها نظام الأسد لم تؤد إلا إلى إشعال روح الكراهية بين الأكراد و العرب لغة وأدبا ودينا، بالإضافة إلى بث روح الفرقة بين السكان نظرا لسياسة التمييز ضد الكرد في مختلف المجالات و الميادين ليسيطر عليهم الشعور بأنهم غرباء عن هذه الدولة لا دور لهم فيها إلا السمع و الطاعة، متجاهلةً في الوقت نفسه ارتباط الكردي بأرضه و انتمائه وولائه لقضيته، و مع ذلك، لم يحاول الأكراد استغلال الفوضى التي صاحبت الثورة و ضعف النظام للقيام بعمليات انتقامية ضد المكون العربي بمختلف أطيافه الدينية، بعد أن انقلبت الأوضاع لصالح الأكراد إلى حد ما، ( على الرغم مما قيل عن بعض تجاوزات من قوات حماية الشعب أشارت إليها لجنة تقصي الحقائق التابعة للإتلاف السوري و هي نتائج متوقعة في ظل الأوضاع المضطربة في سوريا).
هنا، وللأسف، جاء موقف المعارضة السورية بمجملها صادما، حيث أصرت في مؤتمراتها التي عقدت لطرح حلول ومقترحات للقضية السورية وآخرها مؤتمر القاهرة، على مبادئ دستورية لسوريا الجديدة تماثل النظام الأسدي في نظرتها إلى العناصر غير العربية و أبرزها الأكراد في أراضيهم التي سكنوها منذ آلاف السنين، حيث الإصرار على التغاضي عن الحقوق القومية لمكونات الشعب السوري أو الاعتراف بهم رسميا كمكونات رئيسية في نسيج الدولة، و في الوقت الذي يجب على جميع أنظمة المعارضة السورية من شتى الأعراق و الأديان التماسك و التعاون مع بعضها البعض لإنفاذ (سوريا الوطن) في هذه المرحلة الحساسة و الدقيقة من تاريخها، و تناسى الخلافات في وجهات النظر مع توحيد آلية العمل للوصول إلى بر الأمان و إلى دولة ديمقراطية تعددية في مرحلة ما بعد الأسد، نجد للأسف، بعض تنظيمات المعارضة تستغل الموقف لإثارة أحقاد و نعرات آن لها أن تتوقف بين مكونات الشعب السوري، بدلا من البحث عن وسائل حقيقية و عملية لاستيعاب جميع الأفراد من خلال التأكيد على احترام الآخر وقوميته وحقوقه وحرياته و الإعلاء بالتالي من قيمة المواطن.
يبدو أن كل ما أصاب سوريا من دمار وحروب على خلفيات دينية و قومية خلقها نظام بعثي علوي لا يمثل العروبة و لا العلويين، يبدو أن كل ذلك لا زال غير كاف لتغيير بعض المفاهيم العنصرية و التعصب المغروس في نفوس البعض من أبناء سوريا من دعاة الوحدة و الحرية و محاربة الدكتاتورية!! هل نجح نظام الأسد خلال العقود التي حكم بها البلاد بقبضة من النار و الدم في غرس مبادئه الشوفينية في نفوس الكثيرين ؟ إذا كان الجواب بنعم إذا سوريا بانتظار حكم أسدي مستبد بحلًة جديدة ....