لا اجمل ولا اعظم ولا اروع ولا اصدق من ان يوكل العبد امره الى الله وحده لا الى سواه, ففي ذلك الفوز بمرضاته سبحانه جل في علاه, وذلك هو الفوز الاعظم من كل فوز, وفي ذلك راحة النفس والضمير في الدنيا والآخرة معا, والنجاة باذنه تعالى من سخطه وعذابه يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم.
من يحتسب عند الله الذي لا عظيم سواه, ولا ضرر ولا نفع الا باذنه جلت قدرته , يدرك حق الادراك كنه الحياة الدنيا حق ادراكها , ومن لا يفعل يظلم حظه متوهما ان بيد الخلق نفعه او ضرره , خيره او شره , في زمن يجافي فيه الكثير من الخلق سنن الحياة وفق اصولها , فتراهم يتصرفون وفق هوى النفس الامارة بالسوء, دون ان يرف لهم جفن , فما يحقق لهم ولمحاسيبهم واتباعهم مصلحة ما ايا كان امرها, هو فعل مباح حتى لو انطوى على ظلم لاخرين, فلقد اعمتهم المصالح الدنيوية الزائفة عن مخافة الله جلت قدرته , وسوغت لهم مقاربة الظلم والشر على اصوله لو جاز التعبير .
لا تخلو الدنيا قطعا من خيرين يخشون سخط مالك الملك سبحانه, لكنهم في هذا الزمان الملتبس ندرة يعتد بها, يقولون الحق, وتهمهم مصالح البلاد والعباد لا مصالحهم الخاصة وحسب, لكن اصواتهم في الغالب تسمع ولا يؤخذ بها امام سطوة الفهلوة والبعد عن مخافة الله .
هذا زمان حيرة كل حليم, وهذا وبامتياز , هو زمان الفهلوة والشطارة واقتناص الفرص وتبادل المصالح, لكنها المصالح الخاصة التي تتعامى وباصرار محزن , عن كل مصلحة عامة فيها مرضاة الله العلي القدير اولا , ومصلحة العامة من خلق الله ثانيا.
مسكين كل من يعتقد بان الدنيا الى دوام او هي ستطول كثيرا, واعمى بصر وبصيرة, كل من يتوهم ان قدرته على تجاوز الحق والحقيقة والتصرف كما يحلو لمصالحه هو دون غيره, هي حال سيدوم , دون ان يلقى عقاب الرب سبحانه في لحظة ما علمها عنده وحده دون سواه, وقطعا, وبلا جدال او منازع , فالعاقبة لمن اتقى , وقطعا وبلا منازع, من القى حمله على الله وحده لا على بشر ايا كان شأنه, هو من اهتدى , وحسبه ان الله منصفه , ومن كان غير ذلك , فسيلقى عقابه بلا شك ابدا , مهما زهت له الدنيا الغرور ردحا من الزمان , ولا حول ولا قوة الا بالله، وهو سبحانه من وراء القصد.