المبادرة الفرنسية .. الطريق غير سالك
اسعد العزوني
01-07-2015 03:00 PM
ما لم تتحلل واشنطن من التفاهمات الأمريكية - الإسرائيلية حول القضية الفلسطينية بالتحديد، ومفادها أن الإسرائيليين أبلغوا الأمريكيين بضرورة الابتعاد عن هذا الملف إلا في حال الضوء الإسرائيلي الأخضر، أي عندما يتم إنسداد الأفق أمام الحل، عندها تتخل واشنطن برحلات مكوكية لوزير خارجيتها لإقناع العرب بالعودة إلى المفاوضات، والضغط على القيادة الفلسطينية.
وتكمن القصة في أن الإسرائيليين، أكدوا للأمريكيين أنهم في نهاية المطاف لن يخالفوا الرغبة الأمريكية بإيجاد حل للقضية الفلسطينية، وأنهم سينصاعون لها ويصدعون بها، لكنهم أبلغوا الأمريكيين أنهم أي الإسرائيليين، أدرى من الأمريكيين بالنفسية والشخصية العربية، وأن العرب لا يأتون إلا بالضغط، وأن على الأمريكيين أن يمنحوا الإسرائيليين فرصة للضغط على العرب والفلسطينيين لتحصيل أكبر قدر ممكن من التنازلات.
هذه هي التفاهمات الأمريكية – الإسرائيلية، وتؤكدها مراحل التفاوض و"الخض والرض" التي رأيناها منذ توقيع إتفاقيات اوسلوا عام 1993، وهي أن الإسرائيليين يضغطون على القيادة الفلسطينية التي تتنازل كثيرا، ثم تصطدم بالحائط، فتتوقف الإتصالات الفلسطينية – الإسرائيلية، لنرى المكوك الأمريكي يتحرك بأقصى قوة، وبعدها نرى الضغط العربي على القيادة الفلسطينية لإستئناف المفاوضات، ونحن نعيش هذه الأيام الحالة كاملة.
من هنا نقول أن كافة المبادرات "السلمية " وآخرها المبادرة الفرنسية التي قام وزير الخارجية الفرنسية بالتسويق لها في الشرق الأوسط، محكوم عليها بالفشل، حتى لوكانت تحظى بتأييد خفي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
تعرف مستدمرة إسرائيل أن مقتلها سيكون في الموقف الأمريكي، لذلك فإنها تعمل وبكل الطرق غير المشروعة على تكبيل المارد الأمريكي حتى لا ينطلق، ولا نكشف سرا عندما نقول أنها تطلب من بعض العرب التوسل إلى الرئيس أوباما كي لا يضغط على نتنياهو، حتى لا يرتكب حماقة ما، ولعمري أن هذا العمل لا يخرج إلا من بنات أفكار إبليس وحده.
الحل الوحيد الذي يمكن أن يوقف النزف الحاصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، هو قرار أمريكي وليس مبادرة، يضع إسرائيلي أمام خيارين، إما الإستمرار في العبث مع الفلسطينيين، أو سحب الغطاء الأمركيي عنها، ويقيني أن مستدمرة إسرائيل عند ذلك، ستتنصل من تعنت مملكة إسبارطة، وتذعن للأمر الأمريكي، وعندها سنرى الأمور تسير وفق منحنى معين.
لكن ما نحن واثقون منه هو أنه لا أمريكا ولا إسرائيل ولا حتى العرب أنفسهم يريدون حلا يقضي بقيام دولة فلسطينية، لأننا نشهد حاليا خطوات حادة لشطب القضية الفلسطينة، أولها التحضير لإقامة كونفدرالية أردنية – فلسطيني، قبل توسيع الأردن ليشمل إضافة إلى أشلاء من الضفة الفلسطينية، الجنوب السوري والغرب العراقي وهناك من يقول أنه سيمنح ممرا إلى سيناء.
ما أود قوله أن أمريكا هي القبان كله وليس "بيضة " القبان " كما يقال، لكن أمريكا المقيدة بضغط اللوبيات اليهودية، بحاجة إلى موقف عربي قوي وصلب، مع موقف أوروبي مماثل حتى تتحرك وفق ما تمليه عليه واجباتها كقوة عظمى، مخولة حسب المنطق بإحلال السلام العالمي، لكننا نرى أمريكا تسير في طريق مختلف، ولكن يجب الإعتراف بملء الفم أن العرب والمسلمين الذين أهملوا الساحة الأمريكية يتحملون تبعات الإنحراف الأمريكي.
يجب ألا ننسى أن لبريطانيا دورا حاسما في حل القضية الفلسطينية، لأنها هي التي خلقت المأساة الفلسطينية، رغبة منها في التخلص من يهود، وإقامة مملكة بريطانية مسيحية خالصة خالية من اليهود، ولكن الأمر بطبيعة الحال يتطلب موقفا عربيا، ولكننا مع الأسف لا نرى في الأفق القريب والبعيد أي إمكانية لبعث عربي، لأننا جميعا دخلنا مرحلة ما بعد سايكس – بيكو،إلى مرحلة الشرق الأوسط الوسيع أو الكبير أو الجديد لافرق الذي يشرذمنا أكثر من سايكس بيكو، بمعنى أن العرب ذهبت ريحهم وباتوا في خبر كان، ولا يجوز أن نقول سادوا ثم بادوا، لأنهم أصلا لم يسودوا على الأقل في القرن الماضي رغم العدد والعدة.