ليس مهماً أن تجعل الموظفين في مؤسستك يذهبون إلى مواقع عملهم في تمام الساعة الثامنة صباحا، بل ما يهم هو أن تجعلهم يعملون برغبة ويبذلون مجهودهم هناك، لأنهم كبشر لهم طبيعة خاصة، لا يعملون بضغط على زر، وهم عبارة عن مجموعة من الأحاسيس والمشاعر، والعمل لابد أن يرتبط بتلك المشاعر، وأن حسن أداء العمل أو سوءه يرتبط بمشاعر هؤلاء العاملين نحو ذلك العمل.
المحفزات والمثبطات هي من الأمور التي ينبغي أن يعيها أي مسؤول أو صاحب عمل، التحفيز يجعلك تحصل على طاقات هائلة من العاملين، والتثبيط يجعلك تخسر هذه الطاقات، التحفيز يجعل الموظف يفكر في حلول والتثبيط يجعله يؤدي ما عليه فقط ولا يحاول أن يبذل أي جهد زائد، التحفيز يجعل الموظف يؤدي وهو مستمتع بالأداء والتثبيط يجعله يؤدي ما لابد من أن يؤديه وهو كاره،
بعض أصحاب العمل يقول: على الموظف عندي أن يؤدي عمله ولا داعي لتحفيزه! ولا أريد منه دقيقة واحدة زيادة على عدد ساعات العمل! نسي صاحب العمل هذا أن موظفيه بشر لديهم المشاعر والأحاسيس وليس آلات جامدة، مما حدا بالموظفين لدى سماعهم بذلك الى تنفيذ ما يُطلب منهم فقط من الإدارة، فأصبح لديهم أوقات فراغ كثيرة يصرفونها في القيل والقال والاشتغال ببعضهم البعض، مما عطل لديهم روح المبادرة والابداع والتطوير، وبهذه الطريقة يتجنب الموظفون أي نوع من المسائلة لأنهم لا يبذلون من فكرهم ولا جهدهم شيئا ولا يجتهدون، وعندما تقابلهم أي عقبة لا يحاولون تفاديها ولا يحاولون مساعدة رئيسهم بأية فكره لأنهم يعملون كالآلات، وكما يقال الذي لا يعمل لا يخطئ.
التحفيز هو مجموعة الدوافع التي تدفعنا لعمل شيء ما، فأنت ـ كمسؤول لا تستطيع أن تحفز مرؤوسيك ولكنك تستطيع أن توجد لهم أو تذكرهم بالدوافع التي تدفعهم وتحفزهم على إتقان وسرعة العمل. اقتناع كل موظف في المؤسسة أنه موظف مهم في هذه المؤسسة، مهما كان عمله صغيرًا، فإذا شعر بأهميته بالنسبة للمؤسسة التي يعمل فيها سيكون ذلك دافعًا كبيرًا له لتحسين أدائه في عمله، بل سيزيده إصرارا على الابتكار في كيفية أدائه لذلك العمل،
يروى أن رئيسا لمؤسسة كبيرة بها مئات العاملين كان عندما يمر ماشيا في المدينة السكنية التابعة لتلك المؤسسة يلتف حوله أبناء العاملين يُلقون عليه التحية وكان في تلك المدينة السكنية حدائق بها ألعاب للأطفال. وفي يوم من الأيام أخبره الأطفال أن ألعابهم في حدائق تلك المساكن لا تعمل. فما كان من هذا المدير إلا أن أصدر أوامره بإصلاح تلك الألعاب وبالتالي توجه مسئولو الإصلاح بالمؤسسة للقيام بهذا العمل فورا. ربما كان تصرف هذا المدير هو تصرف تلقائي نابع من شخصيته التي تحترم العاملين واحتياجاتهم ويسعد بخلق بيئة عمل جيدة. ولكن انظر إلى ما فعله؟ هل هو يحفز العاملين؟ لا بل يحفز العاملين وأبناء العاملين وزوجات العاملين وأمهات العاملين. فعندما يذهب الطفل ويخبر والدته واسرته بذلك فإنهم هم الذين يدفعون الأب (العامل) على أن يبذل كل شيء في عمله لأن رئيس المؤسسة يهتم بلعبة ابنك. ان الاهتمام بالعاملين قد يتجاوز حدود المؤسسة فتشاطرهم الأحزان والأفراح. وتسألهم عن اسرتهم وأولادهم الذين في المدارس وعن ظروفهم، على المسؤول ان يحادث موظفيه باحترام وتواضع وان ينظر إليهم كبشر مثله فيحادثهم وهو ملتفت إليهم ومهتم بما يقولون. عندما تجد ان مديرك لا يحترمك ويحادثك بكبرياء فإنك لا تحب أن تتحدث معه مرة أخرى، وان تغيب عن وجهه ولا تسعد بالتعاون معه ولا تحاول تقديم أفكار جديدة ولا تطوير العمل. فالإنسان يحب أن يجد الاحترام المناسب من الآخرين.
قدّر الحاجات الإنسانية لموظفيك، فلا تتعامل معهم على أنهم آلات، ليست هذه هي الإدارة ولكن الإدارة أن تتعامل معهم على أنهم بشر.