facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




هل نحن شعب قارئ


د. سامي الرشيد
29-06-2015 01:14 PM

يكون الكاتب في نمو ثقافي وعقلي ووجداني , عندما يقرأ ما يكتب الآخرون,
حيث يكون في ترحال وسفر دائم في عوالم الخبرات والتجارب.

سيكون مستودعا كبيرا لافكار ورؤى الآخرين ,لكنه لن يكون مستودعا جامدا بل مستودع مرن ينمو ويتمدد بشكل دائم ,كما انه لن يكون مستودعا خاملا،

بل هو مستودع نشيط تتفاعل داخله أفكار ورؤى كتاب آخرين,فينتج عنها أفكار مختلفة ,ربما تكون أكثر ثراء .
لقد شبه الاستاذ عباس محمود العقاد هذه الافكار بالنحلة التي تنتقل من زهرة الى أخرى ,تمتص رحيق هذه الزهرة وتلك ,ثم تخرج لنا بعد ذلك عسلا شهيا .
قال تعالى: "وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (سورة النحل 68و69)

بعض الكتاب يحتاج لقراءة متأنية وربما لأكثر من مرة , لما فيها من فكر وعمق ,بينما بعضها يكفيه المرور السريع , وبين هذا النوع وذاك ,أشكال وألوان كثيرة ومتعددة .

لكل موقع من هذه الكتابات قراؤها ومحبوها وعشاقها ,لكن على وجه العموم نجد قراء الكتابات الدسمة قلة ,خاصة أؤلئك الباحثين الذين يتابعون عن كثب مما يكتب هنا وهناك ,أو أؤلئك الذين يتوفر لديهم الوقت الكافي أو المزاج النفسي الرائق الذي يعين على القراءة والتأمل والتدبر .

الكثيرون من القراء يستهويهم الحديث السهل المباشر,خاصة اذا كان يتناول المشكلات الحياتية الحالية ,التي تهمهم وتشغل بالهم في اقتصاد البلد كالبطالة وارتفاع الاسعار والصحة والتعليم والمياه والمواصلات وغيرها.
من المؤكد ان اثارة هذه الموضوعات وتسليط الضوء عليها ,وتبيان الثغرات التي تتضمنها وأوجه القصور فيها من الاهمية بمكان ,ولا يمكن للمواطن أن يفكر ويعمل وينتج دون توفير الحد الأدنى من هذا كله.

كذلك المقالات السياسية التي تتناول جوانب المشكلات التي تحيط بنا ,فهي تجذب الكثير من القراء الذين يهمهم ما يدور حولهم.

مع هذا كله فاننا شعب غير قارئ ,نحتاج للتشجيع من الاسرة والمدرسة
والجامعة والأجواء العامة على القراءة كما هو الحال في الدول المتقدمة .

لكن اذا فقدت الاوطان حواس الوعي ,تشوشت البصيرة أو انعدمت ,وما لم نتعلم من دروس التاريخ ,فسوف تتكرر أخطاؤنا على أخطاء ,لتبقى الأخطاء متجددة متأججة ,متعطشة للمبررات والتبريرات ,فانعدام الوعي مغناطيس يجذبنا لمواصلة الأخطاء.

على خريطة الوطن العربي تتصارع ارادات ومصالح الدول الكبرى في العالم,ولكنها اذا نجحت فهي تعبر الينا من بوابات لا نجيد اغلاقها ,أو مفاتيح نجهلها ,وموضوعية لا نصل اليها وذاكرة نسقط منها .
نحن لا نشعر بالتقصير ونلوم المؤامرات الخارجية فقط .

لقد ألقى الاستاذ محمد حسنين هيكل محاضرة في باريس عام 1995بعنوان أزمة العرب ومستقبلهم :
لقد قدم تلخيصا مهما لأزمات العرب في العصر الحديث ,وهو يؤكد ان هذه الازمات كما صنعت لنا فقد شاركنا في حدوثها .
هذه الأزمات كانت تؤكد ان قوى خارجية تجهض اي مشروع حيوي للمستقبل العربي ,ولكن هذا المشروع من الداخل يسير بقدميه نحو الانتحار.
يقول بان التجربة الليبرالية التي أعقبت ثورة عرابي عام 1919بدأ ضربها أيضا في حادث 4-2-1942حين حاصرت الدبابات البريطانية قصر عابدين ,وجاءت الضربة القاضية بقيام دولة اسرائيل عام 1948.
لكن هذه التجربة سارت بقدميها الى الحافة الخطرة .
لأن الاستقلال الوطني فيها كان فراغا والديموقراطية كانت تجويفا .
لقد ضرب المشروع القومي – الذي أعده جمال عبد الناصر – ثلاث
مرات :
الاول :كان في الاعتداءعا م 1956على السويس
ثانيا :انفصال الوحدة بين مصر وسوريا عام 1961و
ثالثا :احتلال سيناء والضفة الغربية عام 1967و

لكنه كان يسير الى حتفه من داخله ,ويقول ان المؤامرة الخارجية وان كانت
حاضرة ,فان عوامل انفجارها من الداخل ساكنة فيه دائما ,ودون مساعدة من الداخل للقوى الخارجية ,لا يمكن ان ينجحوا لوحدهم في اجهاض وضرب اي مشروع قومي .

قال غاندي :
كلما قام شعب الهند بالاتحاد ضد الاستعمار البريطاني ,يقوم البريطانيون بذبح بقرة ورميها بالطريق بين الهندوس والمسلمين لكي ينشغلوا فيما بينهم بالصراع ويتركوا البريطانيين المستعمرين ,والذين مبدأهم فرق تسد .
ما يحدث الآن بديار العروبة يشبه ما حدث في الهند .
الفرق بين المشهدين هو ان الانتحاري يقوم بدور البقرة.....

نلاحظ الآن ان واقع الدول العربية ومعاناته من قمع واستبداد تتحدث عن نفسها ,فهناك دول تضرب بها الفوضى ,ودول غارقة في الحروب والشرذمة والتقسيم والارهاب والتفتيت ,بمساعدات خارجية ولكن بأيادي داخلية .
هل سنتبع تعليمات الدول المعتدية لتقويض امتنا وتدمير اقتصادنا , ونساعدهم على ذلك ,أم نصحو وندافع عن مقدراتنا وممتلكاتنا ولا نتبع أهواء الآخرين ؟

أريد ان أضرب مثلا أنه في الايام الاخيرة قامت الحكومة الهولندية بالاعتذار لسكان منطقة شمال امستردام وللشركات العاملة بتلك المنطقة ,عن حدوث خلل وقع وهو انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة لعدة ساعات ,وجاء الاعتذار عن هذا الحدث غير الطبيعي وغير المعتاد ,بسبب خلل مفاجئ في محطات توليد الكهرباء بالمنطقة وعدم جاهزية المحطات الاحتياطية للعمل .
كما أذاعت تركيا ان الحكومة التركية فتحت تحقيقا موسعا لمعرفة اسباب انقطاع التيار الكهربائي عن عدة ولايات في جنوب البلاد والاعتذار للمواطنين عن هذا الحدث .
أيضا كانت بلدية جنيف تريد ان تنشا موقفا كبيرا للسيارات تحت بحيرة (لما )
ولكن رئيس البلدية طلب عمل استفتاء للشعب –على الرغم انها صلاحيته –
ورفض الاقتراح والتزمت البلدية برأي الشعب .

هذه الدول التي تحترم شعوبها ويهمها رأيها ومصالحها .
متى سنصحو ونكون شعبا قارئا ,نطلع على مايفعله الآخرون ,ونطالب بحقوقنا وندافع عنها ,ونحترم المقدرات التي وهبنا الله اياها ,ونحافظ عليها ونستثمرها استثمارا حقيقيا لصالح الجميع ,ونضع أسسا للأجيال القادمة وحتى يخلدنا التاريخ ونترك بصمات كلها خير وثبات .

د.المهندس سامي الرشيد
dr.sami.alrashid@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :