أزمة الأراضي وأسلوب الفزعة
سامر حيدر المجالي
09-05-2008 03:00 AM
هل هناك أراض سيتم بيعها إلى مستثمرين أجانب في الأردن ؟؟ سؤال لا يمكن القبض على الحقيقة فيه حتى هذه اللحظة ، فرأس مالنا فيه الإشاعات والقيل والقال ، وتعاطينا معه لا يخرج عن أسلوب " الفزعة " والتملق .. التملق إلى العامة حينا و إلى كبار المسئولين حينا آخر .
فقد مضى شهران على تداول الإشاعات المتعلقة ببيع أراضي المدينة الطبية والقيادة العامة ، اعتقدنا خلالهما أن الهدف من انتظار مجلس النواب كل هذا الوقت الطويل هو الوصول إلى معلومات موثقة وتفاصيل مستندية تمكنه من أداء مهمة المساءلة بكل دقة وشفافية . لكننا اكتشفنا بالأمس أن مجلسنا " غايب طوشة " وأن أعضاءه نائمون في عسل امتيازات المنصب النيابي ، والأهم من ذلك أن أداء المجلس أقرب إلى الفزعة منه إلى أي شيء آخر . فآخر ما نحتاجه في مثل هذه القضايا هو الصوت العالي وتسجيل المواقف ، ما نحتاجه بالفعل أداء رقابي هادئ متزن يستند إلى المعلومة الموثقة ، ويرتكز على صلاحياته الدستورية في مطالبة الحكومة بالاستقالة ، أما الكلام الإنشائي والتملق فلن يجدي نفعا ، ولن يحمي الوطن أو يخرجه من أزماته المتراكمة .
والحقيقة أن الارتجال في أداء المجلس أمر متوقع منذ زمن بعيد ، ولكم أن تعودوا بذاكرتكم إلى الشعارات التي كان يطلقها المرشحون أثناء حملاتهم الانتخابية ، والى قانون الانتخاب المجحف الذي لم يكن ليفرز إلا مجلسا ضعيفا هشا ، قوام الوصول إليه المحسوبية واستغلال العصبيات المشتعلة .
هذا من ناحية ، أما من ناحية أخرى فان كل هذا اللغط الذي أثير ويثار حول شخصية الدكتور باسم عوض الله وغيره من المسئولين ، هو نار تسري في هشيم . ونحن هنا لا نتخذ موقفا من أي نوع ، أولا : لأن ثقة جلالة الملك ذات دلالة مهمة في نظرنا ، ثانيا : لأن من عادتنا أن ننظر إلى كل مسئول مهما كان حجمه ونفوذه بعين الثقة والاحترام ، ما لم يثبت العكس بالدليل الدامغ .
لكن ما نطلبه من الدكتور باسم هو أن يدلي بإفادته ، فهو الأحق بالحديث عن نفسه.. وما ينطبق على الدكتور عوض الله ينطبق أيضا على الحكومة التي سارعت إلى دحض الشائعات ونفيها . لكن ما بين نفي الناطق الرسمي باسم الحكومة قبل ثلاثة أسابيع أو أربعة ، ونفي رئيس الوزراء بون شاسع ، فتأكيدات الذهبي كانت أقوى وتطميناته أكثر وثوقا . وعليه فإننا لا نملك إلا أن نصدق الكلام منتظرين ما ستسفر عنه الأيام والشهور القادمة ، فإن صدق واقع الحال كلام الحكومة فخير وبركة ، أما إن وقعت الحكومة في مطب التناقض فلن يرحمها أحد لأنها في هذه الحالة ستكون إما قد كذبت وساهمت في تضليل الشعب ، وإما أنها قد صدقت لكن المياه جرت من تحتها دون أن تعرف من حقيقة الأمور شيئا ، باختصار سيكون الأساس في أي تقييم أو مساءلة تصريحات رئيس الوزراء بالأمس ولا شيء غيرها .
أخيرا فنحن لا نريد أن تجرنا العواطف بعيدا وتمنعنا من اتخاذ إجراءات حاسمة للخروج من أزماتنا الاقتصادية الخانقة ، ففكرة الاستثمار في أراض من هذا النوع فكرة صائبة وأجدى بمليون مرة من تحويل البلد إلى متاحف بحجة عدم المساس بذاكرة الأردنيين . المطلوب هو مظلة أردنية وسيادة على كل استثمار يدخل البلد ونسبة لا تقل عن 51% من أسهم الاستثمار وعوائده ، وصدق في الكلام يعيد إلى الأردني شيئا من الثقة بحكوماته ومسئوليه ونوابه .
Samhm111@hotmail.com