يبدو ان الحكومة باتت تسيطر عليها ثقافة «الهوشات» بتعاطيها مع الأحداث ، فلم تعد تفصل بين الطوارىء و"الهوشة" وأمن البلد و"الهوشة"، وسلامة المواطنين و"الهوشة"، ولم تتحرّك بسرعة الا اذا افتعل المواطن «هوشة» ورفع صوته عالياً عالياً!..
ما حدث في الرمثا الخميس الماضي كان اختباراً حقيقياً لجهوزية الحكومة لمواجهة أي طارىء، وللأسف ثبت بالوجه الشرعي أننا لسنا على أدنى درجات الاستعداد لأي حادث، فثمة ارتباك وتكاسل في أداء الواجب وتأخر من جهات معنية عند الاختبار الحقيقي..
أنا لا أتكلّم بلسان عاطفتي كوني ابن المدينة، ولكن أتكلم بلسان العقل الذي طرح الف تساؤل بحجم مأساة يوم الخميس ..ماذا لو –لا قدر الله- وقع حادث أكبر وأضخم وبعدد بإصابات أكثر.. كيف ستتعامل الدولة بمختلف مؤسساتها وكم سندفع من أرواح نتيجة غياب التنسيق والتعاطي مع جدية وحجم الموقف...
مثلاً لم تحضر الأجهزة المختصة لأكثر من نصف ساعة من وقوع الانفجار رغم تلقيهم البلاغ منذ الدقيقة الأولى علماً أن مركز الأمن يحيط بمكان الحادث ولا يحتاج لأكثر من 4 دقائق للوصول... الأمر الذي دعا المواطن للقيام بدور الشرطي والمسعف والمحقق والمنسّق والمتجمهر ايضاَ...
أما مستشفى الرمثا الحكومي هذا (الصرح) بحد ذاته حكاية، فلم يستقبل الجرحى الا بعض الممرضين مع غياب ملحوظ لطاقم طبي مختص من المفترض ان يكون في ذلك اليوم على رأس عمله - هذا في حال كانت الحياة طبيعية- بغض النظر عن وجود طوارىء على الحدود..وفوق ذلك يردّ أحد الأطباء عندما استعجلوه لنزع شظية من قدم الطفل قائلا: «وما يكون فيه (...)؟»، فقط لأنهم أيقظوه من استراحته... عزيزي الطبيب يا صاحب القسم... نعتذر عن ازعاجك ..استعجلناك لأن في ساق الطفل «شظيّة» مش «علك ملزّق ببنطلونه»!.
وأخيراً وليس آخراً..الاعلام الرسمي (...) احتاج منه نشر خبر عاجل على الشاشة الرسمية أكثر من 4 ساعات من وقوع الحادث واحتاج ليخرج الناطق الرسمي باسم الحكومة لمثل المدة او أزيد قليلاً..بينما كانت الصور تملأ الفيسبوك والمواقع الاخبارية منذ الساعة الواحدة والنصف...هل فوائد الميرمية أو اضطجاع الشيخ بمسلسل أردني أهم من حياة المواطن؟..
***
لن نتوقف كثيراً عن غياب المشاركة الحكومية بتشييع الشهيد المهندس فقد اعتدنا هذا التجاهل ، ولم يكن صادماً لنا عدم حضور أي عضو من الحكومة ليشارك أبناء وطنه مصابهم، فالمواطن غالٍ «عند الضرائب» رخيص عند «الموت» «هاظا اللي طلع معكو» شكراً!!
***
منذ الأزل والرمثا شأنها شان باقي مدن المملكة تقدم شهداءً منسيين في السجلات الرسمية، ُمشرّفين مكرّمين في السجلات السماوية والشهيد م. عبد المنعم الحوراني ها هو ينضم الى قافلة الشهداء الطيبين الأبرار في قلبه الوطن وفي قلب الوطن...نهنئه بـ»الشهادة» وبهذا «الامتياز» وهذا «التفوق»...
ولا عزاء للمقصرين...
غطيني يا كرمة العلي.
الرأي