رمتني بدائها وإنسلت، ولعلي أجزم،أن صاحب هذه الحكمة، كان يقصد تحديدا "مستدمرة" إسرائيل الإسبرطية، التي تتمنطق بحزام التعنت، الذي سيطيح بها، كما أطاح بسالفتها مملكة إسبارطة، وقد أحسن التيار اليهودي الأمريكي المعتدل الشارع اليهودي "J STREET" المنشق عن "الإيباك"، عندما رفع شعارا قال فيه "اللهم إحم إسرائيل من قادتها.
لقد بلغ السيل الزبى، ولم يعد هناك متسع من الوقت للتفكير، فالحسم الأردني الرسمي والشعبي بات ضرورة ملحة، لأن الأمر يتعلق بالكرامة وبالسيادة الوطنية، وأن ذلك حسب فهمي للأمور، خط أحمر لا يجوز لأحد تجاوزه أو حتى الإقتراب منه، وأستذكر بهذه المناسبة القائد العربي المؤابي ملك مملكة المؤابين ميشع صاحب المنسف الذي انتصر لكرامة شعبه ولقن العبرانيين درسا لن ينساه التاريخ.
بلغت القلوب الحناجر، والسؤال المطروح إلى متى السكوت عن هذا المسلسل ؟ ولماذا التغاضي عن هذه الإنتهاكات التي مست صميم كرامتنا وطنا وقيادة وشعبا؟ ويقينا أننا لو اعتمدنا فعل الصد عند أول إنتهاك لما تجرأ قادة مستدمرة إسرائيل على التمادي في التدخل في شؤوننا، وكأننا فعلا تحت الهيمنة الإسرائيلية.
بالأمس تقمصت مستدمرة إسرائيل جنون "يهوه" التلمودي، وأظهرت تدخلا سافرا في شؤوننا الداخلية، ونصبت نفسها علينا الام الناهية العتيدة، التي تنهى وتطاع، لا لشيء إلا لأن كاتبا أردنيا، أشاد بالهجمات الفردية التي يتعرض لها أفراد جيش الإحتلال في فلسطين، ووصف وكر الرابية ما كتبه الزميل ياسر الزعاترة، ب "الهمجية "، وطالبت المعنيين في الأردن بالتصدي لهذه الظاهرة ومنعها، والأغرب من ذلك أنها أكدت أن السلطات الأردنية ستستجيب لهذا المطلب.
رمتني بدائها وإنسلت، فقد تحدث بيان وكر الرابية عن العلاقات بين "الشعب" الإسرائيلي والشعب اليهودي، وأن مثل هذه الكتابات تثير الكراهية وتخلق عدم الاستقرار في فلسطين.
الأمر مقزز جدا لأن وظيفة هذا الوكر تعدت كل الحدود، وبات يرسم السياسات ويوجه وينصح، ويتدخل في الشؤون الداخلية، ففي العام 1996 أصدر نتنياهو قائمة تضم عددا من الصحفيين والكتاب الأردني منهم كاتب هذه السطور، وقبل ثلاث سنوات إشتكى عليّ مركز ضغط يهودي أسسه الموساد في واشنطن عام 1997 إسمه معهد بحوث ودراسات الشرق الأوسط الإعلامية "ميمري"، بسبب مقال نشرته في جريدة العرب اليوم ومواقع إليكترونية في الخارج بعنوان :"إسرائيل والسلام لا يتفقان "، وعلى الفور جرى الاستغناء عن خدماتي، إستجابة لضغوط هذا المركز الذي هدد بقطع المساعدات الأمريكية عن الأردن.
أعجب من كيان مدجج بالحقد التلمودي وبالأسلحة المحرمة دوليا وفي مقدمتها القنبلة النووية، التي إمتلكها بمساعدة من فرنسا منتصف ستينات القرن المنصرم، وصاحب أكبر سجل إرهابي إجرامي على مر التاريخ البشري، كيف تثيره مقالة في صحيفة عربية، ولا يعلم قادته أن إرهابهم وإجرامهم المتمثل في قتل الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين والمصريين والعراقيين والأردنيين،قد فاق كل الحدود، ولو أن هناك عدالة عالمية لهب العالم أجمع ومنهم بعض يهود لمحاكمة هذا الكيان ووضع حد له، لكن وعلى ما يبدو فإن الله سينفذ حكمه ليعاقبنا بإبتعادنا عنه جل في علاه، وتحالفنا مع هذا الكيان المجرم.
كان على كافة المثقفين والكتاب والصحفيين الأردن، أن يعلنوا موقفا أصلب من البيان الذي أصدرته نقابة الصحفيين، كي يتأكد القائمون على وكر الرابية أن موقف المثقفين الأردنيين ليس بهذه السهولة، وأن بيانا من وكر الرابية سيرعبهم ويوقف أقلامهم ويجمد أفكارهم خوفا من "الغضب " الإسرائيلي.
هذا يقودنا مرة أخرى للتذكير بأن هذا الكيان الغاصب لا أمان ولا عهد ولا مواثيق معه وله، فهم يهوويين في تفكيرهم، وتلموديين في تصرفاته، فخلال مؤتمر ديني دولي في عمان قبل سنوات، إقتحمتني عجوز إسرائيلية وأرادت التعرف لكنني صددتها عندما كشفت عن هويتها، وعندها أظهرت سمومها وقال :"إن الملك المؤسس عبد الله الأول شن هجوما على إسرائيل عام 1948 ".
والأكثر غرابة من ذلك أن الراحل الملك حسين صاحب الأخلاق الملكية الرفيعة، دعا شخصيات إسرائيلية من كافة المستويات لتناول طعام إفطار رمضاني بعد توقيع معاهدة وادي عربة أواخر العام 1994، وقد قابله يهود عند مرور طائرتهم فوق نهر الأردن بأخلاقهم التلمودية، وأنشدوا " للأردن ضفتان الأولى لنا والثانية لنا "، فأي أخلاق هذه ؟ ناهيك عما يكتبه السواح الإسرائيليون عند زيارتهم لجبل صياغة في مأدبا، إذ يطالبون الجيش الإسرائيلي بتحرير "شرق الأردن " من "الإحتلال " العربي.
لا بد من تغيير في سلوكنا، من أجل تصليب موقفنا حتى يفهم هؤلاء التلموديين حدودهم، وإن لم يتعرضوا لصدمة أردنية قوية، فسنرى منهم ما هو أشد قذارة من بيان وكر الرابية ... الأمر يعتمد علينا .