كنتُ في الماضي أبحث عن لقائك كي لا أموت شوقاً ... أطارد الغيم والفراشات و أحلم بنجمة تشبه صورة رسمتها في البال لامرأة تتقن الدفء في ليل بارد. وتتقن البكاء عند لحظات الفراق.. وتعزف على كمنجات الأيام لحن النسيان.
قاب خطوتين أو أقل أنزف غيابك كأشهى من كل حضور.. تنزفني العتبات ويسكنني الحنين إلى عمر قضيته حلما في البقاء معك.
مذاق التيه..
أُريدكَ و لا أستطيع الاحتفاظ بك ... لا طريق أمامي سوى تركك في خارجي لتبقى حيا داخلي ... مازال لديك متسع لتشفى مني ... فثمة الكثير في انتظارك هناك.. الدفء والخبز والسقف والكراهية تنمو في قلبك لمنفى لا يُفقدك حبك لأرضك الأولى.
خلاصك ليس هنا ... هويتك حيث ما ستصير ... كل ما ترغب فيه سيناديك ويضمد جراح وحدتك ويُشعل من احتراقك نورا لن يطفئه انسحاب كل من أحببتهم ...
غرقت في صمتي... و في بحر دموعها تُغرق ساعة وداعي بكحل عينيها...
مهما طال بُعدك ... سيناديك قلبي حتى أجدك .
يا الهي لا تُنزل عليّ ما لا أستطيع تحمّله ...
***
لا ملامح لدرب اختارني ... نبوءات الحلم لا تعطيني القوة الكافية... المغامرة هي الشيء الوحيد في الاستمرار على قائمة الأحياء.
ها أنا وحدي ... لم يعد لي وطن و لا ماضٍ أتكئ عليه.. ما أراه مستقبل يتوغل في العذاب.
رغما عنك تتنازل عن حزنك مقابل المضي قُدما ... الحياة لا تمنحك الكثير من الوقت .. إما أن تسير في ظلال الآخرين و تسحق قامتك .. و إما أن ترفع رأسك و تتواءم بقوة مع كل طير ولد في عش صغير ... حتى نمى جناحيه و صار العالم عشه الكبير .
***
نولد من جديد بعد كل خيبة ...
تتلمظ شفاهنا و نحن نبتسم بغصة تسلك بنا سبل تذكر ما كناه بالأمس .. هزائم متتالية .. توغلت فينا حتى العظم ... بحر زرناه و لم يتذكرنا ... كلمات كتبناها بدم القلب و لم تعجبنا ... فتيات عبرن حياتنا نذكرهن كما لو أنهن وطنٌ أضعناه حين تركنَا نرحل عنه..
هل ننسى عندما نريد؟
كل شيء هالك ... السقف المرفوع ... و القلب الموجوع ... و الشعب المخدوع ...
ليتني مت قبل هذا المنفى وكنت حبا لا مرئيا.
تذرفني الكلمات على حواف الهاوية .. و يرتجف قلبي حين أجدني ما زلت ممتلئا بك .. يوجعني حضورك و غيابك ... نسيانك و تذكرك .. يوجعني شارع عبَرته قدماي بدونك ... يوجعني ليل بلا حلم أراك فيه .. أتقنتِ الرحيل ... وما عدت تعرفين من أكون .. قليلا من الغرور لا يكفي لنسياني ...
ما زلتُ على قيد الحياة ... و في داخل الكثير لأضيء سماء مليئة بالنجوم.
***
حُلم العودة ...
ليمنحنا الله متسعاً من العمر و مزيداً من الحنين ليجعل من أحلامنا حقيقة أمام أعيننا ..
هكذا نأتي ... و هكذا نذهب ... (إن البداية أخت النهاية ) مجبرون على تقبل الحياة كما هي .. بمنطقها .. بسطوتها .. بجبروتها .. بقسمتها .. بحزنها ... بفقدها .. بغيّها .. بظلّها و غرورها ..
أستعيدك بلحظات لم أعشها معك ... أمارس طقس تذكرّ ملامحك بمساحة افتراضية .. لا أنت بالأرض المقدسة .. و لا أنت بالأم .. لا أنت بالمنفى .. و لا أنت بالأنثى .. أنت حلمي و نبضي .. أنت مداد روحي كلما انظر إلى البحر أشعر انك ما زلت هناك في الطرف الآخر .
فليمنحني الله استعادة وجهك و حلمك و يقينك ... وارتعاشه جسدي بين كفيك.