هناك أنماط من الشكاوى العامة من الأصح تركها للزمن، بدل الانهماك باجتراح عجائب حلها. فالحدود الأردنية - السورية والحدود العراقية - الأردنية مغلقة من الناحية العملية لأن الدولة في البلدين لا تسيطر على هذه الحدود، ولأن خطوط المواصلات ليست آمنة. ولذلك فإن شكاوى أصحاب الشاحنات، مثلاً، لا حلّ لها حكومي.
ومثل ذلك ضعف تصدير الخضار والفواكه إلى سوريا والعراق:
- كيف تحل الدولة عقدة إقليمية في ظروف حروب أهلية مدمرة، لحل مشكلة النقل الأردني، أو تصريف البضائع في سوقين هامين؟.
أمس قرأنا أكثر من خبر مفرح، يدل على أن الأردني الذكي المقاتل ما يزال موجوداً:
- فقد وجد مصدرو الخضار والفواكه طريقاً إلى أسواق العراق عبر الكويت: نذهب إلى الكويت ومنها إلى البصرة ومدن الجنوب.
ووجدوا أنهم يمكن أن يصدّروا للسوق الروسية كما يصدرون، على السكت، إلى أوروبا الغربية بالشحن الجوي.
نموذج آخر: فمدن الشمال التي تضاعف عددها بالهجرة السورية الكثيفة والمفاجئة، صارت النظافة العامة مصدر شكوى عالية الصوت. ماذا تفعل البلديات والحكومة؟.
لا حلّ معجز يهبط من السماء، لقد قدمت الدولة والجهات المانحة الملايين في استثمار البلديات لشاحنات القمامة، وزيادة أعداد عمّال النظافة. ولكن الوقت هو الذي يرفع إلى المبادرات الشعبية: التطوع، التزام الناس بالحفاظ على الشارع، ترحيل الأكشاك والعربات من وسط الشارع والرصيف. التشديد على مراقبة الصحة، ومع الوقت ستجد مشاكلنا الصغيرة حلولاً لا يمكن شراءها بالقرارات الحكومية أو بالمال الحكومي.. القليل.
نحن لا ندعو إلى «التطنيش». وترك المشكلات تحل نفسها. ولكن الحكومة الواثقة تعرف كيف تتعامل مع اعطاء الوقت الكافي لتدخل الجهد الشعبي وحل المشكلات.
ونموذج أمن معان هو النموذج الأصح. ففرض الآمن واجب لا مساومة عليه، لكن الطريقة مختلفة. فأنت تستطيع ان تسلَّ المجرم عن عجين البيوت الآمنة، دون تركيس آلات القتال في الشوارع وتستطيع اعطاء الوقت للناس ليدركوا أن الوصول إلى الحق لا يأتي عن طريق داعش واخواتها. والاستثمار المطلوب - وأكثره أجنبي - لا يدخل المدينة غير الآمنة. وبالتالي فالوظائف معدومة.. والبطالة هي سيدة الموقف.
الرأي