تعود نشأة النظام العربي الحديث إلى عام 1945، عند تأسيس جامعة الدول العربية التي تمثل الولادة الرسمية للنظام العربي الحالي، ابتداءً بسبع دول عربية مستقلة أو شبه مستقلة، وصولاً إلى شمول 22 دولة الآن.
كان المفروض أن تكون الجامعة نقطة الانطلاق باتجاه تحقيق الوحدة العربية، ولكن ذلك لم يحصل، مما فتح الباب لبعض التساؤلات العميقة:
هل قامت الجامعة كخطوة في طريق الوحدة العربية باعتبارها شكلاً من أشكال الوحدة الكونفدرالية القابلة للتطوير، أم أنها قامت لتكريس المحافظة على الكيانات القطرية، شأن أي نظام إقليمي آخر في أميركا اللاتينية أو الشرق الأقصى؟.
وهل شجع الانجليز فكرة الجامعة العربية من قبيل التفهم للفكرة العربية والتعاطف معها وكتعويض عن خيانتهم لعهودهم تجاه الثورة العربية الكبرى التي قامت في المشرق العربي قبل ذلك بنحو ربع قرن، أما أنها مجرد تنسيق للمناطق الواقعة تحت نفوذهم، لحماية هذا النفوذ من الأطماع الفرنسية والأميركية والسوفييتية؟.
لم يقم النظام العربي على أساس جغرافي بحت، وإلا لكان قد شمل إسرائيل، بل قام على أساس قومي أي بين شعوب يجمع بينها التاريخ واللغة والمصالح والمخاطر المشتركة.
تعرض النظام العربي خلال سبعة عقود لاختبارات وتحديات عديدة لم ينجح في مواجهتها مثل قرار تقسـيم فلسطين (1947)، محاولة منع قيام إسرائيل بالقوة (1948)، الانقلابات العسكرية في معظم الدول العربية، الدفاع العربي المشترك (1950)، الحروب العربية الإسـرائيلية الستة، احتلال العراق للكويت (1990)، الحرب العراقية الإيرانيـة (ثماني سنوات)، حرب أميركا على العراق مرتين (1991-2003)، وأخيراً وليس آخراً الثورة الهوجاء التي أطلق عليها اسم الربيع العربي، والفوضى العارمة في سوريا والعراق وليبيا واليمن.
هناك عدم توازن في بنية النظام العربي، فالكثافة السكانية في جهة والثروت البترولية في جهة أخرى، ولم يحقق النظام التكامل المنشود لصالح الجميع، الأمر الذي جعل الوطن العربي منطقة فراغية تغري القوى الأخرى بالتوسع والتمدد كما هو حاصل عملياً من بعض القوى الإقليمية كإسرائيل وتركيا وإيران.
لا يبدو في المدى القريب أن النظام العربي له مستقبل، فالأولوية اليوم لإطفاء الحرائق التي تعم معظم الدول العربية، قبل محاولة الارتقاء بالنظام العربي إلى مرتبة الطموح القومي.
الرأي