المسؤولية الإجتماعية في استراتيجياتنا الوطنية
د.عبدالله القضاة
26-06-2015 02:39 PM
لم يعد ينظر للمسؤولية الاجتماعية للشركات على أن هدفها الوحيد هو تعظيم الربح من خلال تحقيق أكبر عائد ممكن للمستثمرين، وأن تحقيق الربح سوف يتبعه تحقيق أهداف المجتمع بصورة تلقائية. فقد أضحى مفهوم المسؤولية الاجتماعية يمثل البعدين الاقتصادي والاجتماعي معاً. كما يشير إلى أن الشركات في عالم اليوم يجب ألا تكتفي بالارتباط بالمسؤولية الاجتماعية، بل يجب أن تغوص في أعماقها، وان تسعى نحو الإبداع في تبنيها والالتزام بمعاييرها فهي بذلك التزام للمنظمات تجاه المجتمع الذي تعمل فيه.
البنك الدولي عرف المسؤولية الاجتماعية على أنها: "التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيهم وعائلاتهم والمجتمع المدني والمجتمع ككل لتحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم التجارة والتنمية في آن واحد".
أما على المستوى الوطني الأردني؛ فهناك جهود متواضعة في تطبيق المسؤولية الاجتماعية من قبل مؤسسات القطاع العام كون ذلك أصبح أحد متطلبات معايير جائزة الملك عبدالله الثاني للتميز، غير أن هذا التطبيق لم يرتقي للمستوى المطلوب من حيث المأسسة والمتابعة، في حين أن بعضا من مؤسسات القطاع الخاص حققت نتائج أكثر في هذا المجال ، غير أن غالبيتها ماتزال تسعى لتحقيق الربح بعيدا عن تلبية متطلبات المجتمع والمحافظة على البيئة المحيطة بعملها ، ومن غير حسيب ولا رقيب، وشركات الإسكان إنموذجا!
وعليه؛ لا بد من قرار وطني يجعل المشاركة في تحمل المسؤولية الاجتماعية جزءا أساسيا من الاستراتيجيات الكلية لمؤسسات الدولة (الخاصة والعامة).
وقد تتساءل المؤسسات عن مجالات الأهداف التي يمكن تضمينها في إستراتيجياتها، وهذه المجالات يمكن أن تغطيها التساؤلات التالية: هل المؤسسات تنتج السلع والخدمات التي يحتاج اليها المجتمع والتي تحقق فرص عمل وتدفع أجور عادلة وتحافظ على سلامة العمال؟، هل المؤسسة تنتج سلعا وخدمات ذات جودة عالية ، وهل تتعامل بعدالة مع العملاء والعاملين ؟، وهل المؤسسات تحافظ على البيئة الطبيعية؟، ثم؛ هل المؤسسات تخصص مواردها المالية والبشرية في إستثمارات مفيدة تساهم في حل مشاكل المجتمع؟.
والتساؤل الأهم: من هي الجهة التي تضمن إلتزام مؤسسات الدولة (الخاصة والعامة) بتطبيق المسؤولية الإجتماعية على أعمالها، وهل من حوافز يمكن تقديمها للمؤسسات لإثارة الدافعية والتنافسية لديها للسير بهذا الاتجاه.
أعتقد أنه من المناسب تشكيل مجلس وطني للمسؤولية الإجتماعية يضم كافة الأطراف المعنية ليشرع بعد ذلك بتطوير إستراتيجية وطنية للمسؤولية الاجتماعية ضمن المعايير الدولية وحصر وتحديد الإحتياجات الوطنية لضمان تلبيتها وبصورة مستدامة تمهيدا لإلزام كافة مؤسسات الدولة بتطبيقها.
كما أنني اقترح إطلاق جائزة ملكية متخصصة بالمسؤولية المجتمعية لكل قطاع من قطاعات الدولة ؛ وربما لكل مهنة وتخصيص برامج إعلامية توعوية بمفاهيم المسؤولية المجتمعية وربطها بالمسؤولية الدينية والقيم المجتمعية للدولة الأردنية.
a.qudah@yahoo.com