المديونية الحقيقية للأردن الآن ليست 6ر22 مليار دينار حسب الأرصدة القائمة للعناصر المختلفة ، أي 7ر88% من الناتج المحلي الإجمالي، وليست 7ر20 مليار دينار أو 2ر81% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تظهر في الإحصاءات الرسمية، أي بعد تنزيل ما تملكه الحكومة من ودائع لدى البنوك بعد إجراء مقاصة بين الديون والودائع.
المديونية الحقيقية للاردن في رأينا هي 8 مليارات دينار أو 2ر11 مليار دولار تعادل 2ر31% من الناتج المحلي الإجمالي هي مديونية الخزينة بالعملات الأجنبية ، ذلك أن الديون المحلية المحررة بالدينار الأردني تمثل اقتراض الأردن من نفسه ويستطيع البنك المركزي عند اللزوم أن يسددها بجرة قلم، ولو على حساب حدوث تضخم محلي جامح ، مما لا ينطبق على المديونية لجهات خارجية بعملات أجنبية.
في المقابل فإن الحكومة تنفق مبالغ هائلة على الدعم الاستهلاكي، وفي المقدمة الكهرباء لغاية 5ر1 مليار دينار في 2014 ، والماء 350 مليون دينار، والخبز 300 مليون دينار، والأعلاف 100 مليون دينار أي ما يقارب 25ر2 مليار دينار في السنة الماضية.
المديونية الكلية -أي المحررة بالعملات الأجنبية والمحلية- ارتفعت خلال السنة الماضية بحوالي 5ر1 مليار دينار. ومعنى ذلك أن الموازنة العامة كانت ستحقق فائضاً يبلغ 750 مليون دينار لولا الدعم الذي أشرنا إلى بعضه. وفي هذه الحالة فإن الدين العام كان سينخفض بمقدار ثلاثة أرباع مليار دينار بدلاً من أن يرتفع بمقدار 5ر1 مليار دينار. العيب إذن لا يكمن في الاقتراض بل في الأسباب التي تجعله ضرورياً.
نقول ذلك بمناسبة الانتقادات الشديدة لتضخم المديونية التي جاءت على ألسنة مسؤولين كبار. يعرفون كل هذه الحقائق، ولكنهم يختارون انتقاد ارتفاع المديونية والسكوت عن الأسباب التي تؤدي إلى هذا الارتفاع لأن نقد المديونية ُيحرج الحكومة في حين أن علاج الأسباب عالي التكلفة من الناحية السياسية.
الذين يعارضون رفع أسعار الكهرباء والماء، ويعتبرون سعر الخبز الرخيص خطاً أحمر ، لهم كل الحق ، فالنتائج الاجتماعية والاقتصادية السلبية واضحة ، ولكن في هذه الحالة تقتضي الامانة أن لا ينتقدوا ارتفاع المديونية طالما أنهم راضون عن الأسباب التي تؤدي إليها.
هذا ليس تبريراً للمديونية بل دعوة لعدم تجاهل الأسباب التي تؤدي إليها.
الرأي