ضمن سلسلة المعادلات التي قلبت رأسا على عقب في هذا الزمن هناك مقولة لكاتب تشيكي تختصر الكثير مما يمكن قوله عن العربات التي وُضعت امام الخيول، هي العقاب الجاهز الذي يبحث عن جريمة تناسبه او بمعنى آخر القبعات الطائرة في الهواء والتي تبحث عن رؤوس تتسع لها!
وأصل هذه الحكاية هو ما جرى في الدول الشمولية او ما يسمى التوتالية، حيث تسود ثقافة القطعنة وشعارها هو ان الانسان يعيش بالعلف وحده، اما ثالوث الحرية والعدالة والمساواة فهو خارج المدار كله، وان كانت هناك مساواة فهي كما عبّر عنها جورج اورويل بشكل ساخر حين قال: الناس متساوون فعلا، لكن هناك من هو متساوِ اكثر من الآخر!
ومن المعادلات المقلوبة ان الانسان اصبح عبدا لما يخترع، لهذا ادت متوالية الاستهلاك المسعورة الى تحول البشر الى قطعان لا يكف لعابها عن السيلان تماما كما تدرب الكلاب على السباق بحيث يربط الكلب الى ذراع مروحة وتربط قطعة من اللحم بذراع آخر، وحين تدور المروحة تبقى المسافة ثابتة بين الكلب واللحم.
فهل من اجل هذا كدحت البشرية عدة ألفيات؟ وهل اصبح لهذا التطور اعراض جانبية تحولت بمرور الوقت وتصاعد وتيرة الاستهلاك الى اساسيات وعكست قائمة الاولويات بحيث اصبحت تكاليف الثرثرة بالهواتف المحمولة اهم من تكاليف الصحة والتعليم.
اما ثالثة الاثافي في هذا الانقلاب الكوني المعولم فهو ان الحكمة القائلة من جدّ وَجد اصبحت بفضل سماسرة الدم وتجار الموت من هدّ وجد!
ان بقاء الانسان في مناخ كهذا على قيد الوعي والضمير هو انجاز يفوق عجائب الدنيا السبع او العشر او الالف .
فالتجريف شمل أدق التفاصيل في الحياة وهناك ثقافة ذات فحيح باضت كالافاعي قبل عدة عقود، والان يفقس البيض في الادراج والجيوب والافواه والحبر، لهذا فاللدغ المتكرر لم يعد من الجحور فقط!
الدستور