جنبلاط يستعيد التاريخ في عمان
د.مهند مبيضين
23-06-2015 03:55 AM
التاريخ يطل على واقع بني معروف اليوم في سوريا بثقله الشديد، فإذا كان التحالف الدرزي الماروني القيسي قد اسهم بدرجة كبيرة بتشكيل معالم لبنان الكبير بعد معركة عين داره الشهيرة العام 1711 والتي انتصر بها الدروز القيسيون مدعومين من الأمير بشير الشهابي ضد خصومهم الدروز اليمنيين، إلا أن لتلك الهزيمة أثرها الإيجابي على جبل العرب، فرحيل الدروز اليمنيين إلى جبل العرب في حوران واستقرارهم فيه كمنطقة نفوذ لبقايا عائلة أمراء علم الدين وهرموش، جلبت فوائدها التي تحققت جراء معركة عين داره، فقد عمر الدروز اليمنيون جبل العرب في حوران وساهم آل حمدان من بني معروف في بناء الخرب واستصلاح الأراضي الزراعية وامتد وجودهم إلى منطقة الأزرق في الأردن وعملوا في التجارة وظلوا حتى قيام الحرب العالمية الأولى.
مع وصول الجيش الشمالي للثورة العربية منطقة الأزرق في أيلول 1918 رحب بنو معروف بالثورة وكانت الطريق عبر أراضيهم لدرعا ثم دمشق، وايدوها ودعموا فيصل بن الحسين في مشروعه، وكان لهم الدور النضالي العروبي الكبير في حقبة الانتداب الفرنسي وفي الثورة ضده بزعامة سلطان باشا الأطرش والتي بدأت في تموز 1922، عندما ساءت علاقة سلطان مع الفرنسيين عقب اعتقالهم دخيله وضيفه «أدهم خنجر» وهو لبناني اشترك في محاولة اغتيال الجنرال غورو، وخاض الدروز معارك شرسة ضد الفرنسيين ومنها معركة الكفر والمزرعة ما أجبر فرنسا على إعادة توحيد سورية بعد أن قسمتها إلى أربع دويلات:هي دمشق، وحلب، وجبل العلويين، وجبل الدروز.
أردنياً ارتبط الدروز بعلاقات وطيدة بالحكم، وأسهموا كطرف من الاستقلاليين العرب في بناء أوليات الحكم والإدارة الوطنية الأردنية، فأول قائد جيش هو فؤاد سليم درزي موحد وأول رئيس حكومة درزي موحد وهو رشيد طليع، واصبح الأمير عادل ارسلان رئيسا للديوان الأميري، واستقبل الأمير عبد الله المؤسس الشيخ سلطان الأطرش في الأردن واقام في الكرك اربع سنوات يروي تفاصيلها ابنه منصور في مذكراته «الجيل المدان». وقيد استقبل سلطان الأطرش بحفاوة بالغة في اربد والسلط والكرك.
وعندما تعرض سلطان باشا الأطرش لمضايقات كثيرة نتيجة اعتراضه على سياسة وحكم اديب الشيشكلي، غادر الجبل إلى الأردن في كانون الثاني 1954 وهاجت سوريا على خروجه واعتقل ابنه منصور، وعاد بعد سقوط الشيشكلي في آذار 1954.
في عهد حافظ الأسد منح جبل العرب خصوصية سياسية وتمثيلية، كانت وقفة حافظ الأسد لالقاء نظرة أخيرة على جثمان سيد الجبل سلطان باشا في دارته بالـ «القريا» في آذار 1982، رسالة واضحة لطبيعة المكانة التي صنعها سلطان باشا للجبل وبني معروف، وفي عهد بشار الأسد أدرك أن الجبل أكبر من قبضة يده، فتركه على أرث والده، دونما حضور كبير فيه، ومع أن المعارضة السياسية كانت موجودة عند بني معروف ضد تنفذ ازلام بشار الأسد واحتكارهم السلطة وتبدبدهم الثروة، ومع ان درعا القريبة عليهم كانت مهد الثورة الراهنة، إلا أن وقوفهم على الحياد لم يكن لعيون بشار الأسد بل لحفظ كينونتهم التي عانت الصراعات ونتائجها منذ العام 1711 في عين داره. والتي يتدخل وليد جنبلاط للحفاظ عليها مجددا طاويا الصراع القيسي اليمني الدرزي بعد قرون، وبعون أردني. واقليمي.
اليوم بنو معروف عرضة لخطر حقيقي يمس وجودهم في جبل العرب، لذا يجب حمايتهم ودعمهم فقد وقفوا في التاريخ السوري المعاصر مع كينونة الوطن السوري الكبير وحالوا دون تقسميه العام 1925 بثورتهم الناصعة البياض، وهم اليوم يدفعون الثمن جراء مواقفهم العروبية والوطنية لكنهم أكثر اماناً في الأردن بين كل الدول التي يتواجدون فيها.وفي طلب وليد جنبلاط من الملك عبد الله الثاني التدخل لحامية الدروز صلة وطيدة بتاريخ عميق ومواقفهم هاشمية ذات بعد مديد مع تاريخ مشرف لبني معروف مع آل هاشم ومع الأردن المعاصر ومع العروبة.
الدستور