من المفهوم أن تنص الاعراف والتقاليد الديبلوماسية على ان يشمل طاقم او كادر اي سفارة موظفين وملحقين في الحقول الاقتصادية والسياسية والثقافية والاعلامية وما في حكم هذه الحقول.
ومن المفهوم، بل والضروري ان تهتم السفارات برعاياها في البلدان المضيفة، وتسهر على مصالحهم، بصرف النظر عن ميولهم وافكارهم المكفولة في دساتير بلدانهم.
ولكن من غير المفهوم، ومن غير الجائز، والمرفوض جملة وتفصيلا ان تخترع بعثة ديبلوماسية او وزارة خارجية في بلد من البلدان وظيفة او ملحقية دينية. ولذلك، وان صح ما تناقلته بعض الصالونات عن احتجاج الخارجية الاردنية عن تعيين (ملحق ديني) في السفارة التركية في عمان، فقد فعلت (خارجيتنا) عين الصواب، وتستحق الشكر عليه.
وحسنا تفعل الخارجية والاوساط الرسمية المعنية اذا ما طلبت من السفارة المذكورة اغلاق وطيّ ما يقال عن اهتمامها بالاردنيين من اصول تركية، وكذلك مع الفلسطينيين في الضفة الغربية والقطاع الذين قد يعودون الى اصول تركية ايضا..
فقد صاروا منذ زمن طويل مواطنين اردنيين وفلسطينيين لا جهة اخرى مخولة بتمثيل حقوقهم ومصالحهم غير الجهات الاردنية والفلسطينية. وقد لا يعرف بعضهم ان بدايات التوتر في العلاقات التركية مع ليبيا ومع سورية سابق لاندلاع الازمة في هذين البلدين، وتتعلق تلك البدايات باحتجاجات ليبية وسورية على برامج زيارات جماعية رسمية تركية لمواطنين سوريين وليبيين من اصول تركية..
ومن اللافت للانتباه وجود قسمين، الاول في المركز الجغرافي التركي والثاني في وزارة الخارجية التركية، يهتمان بأشكال مختلفة من (المجالات الحيوية) الديموغرافية والجغرافية التركية وفق ما تعتبره (اسطنبول) حتى اليوم حقوقا عثمانية سرقها الغرب منها في اتفاقية سيفر، وجرى تعديلها قليلا في اتفاقية لوزان بمساعدة الجيش الروسي وحسب (الاستراتيجيين الاتراك) فلا معنى للاسكندرون ان لم يستكمل بالسيطرة على حلب ونفط كركوك، ولا سبيل الى ذلك قبل تحطيم (الهوية القومية) للبلدان العربية وخاصة العراق وسورية واستبدلها بهويات مذهبية تبدو اسطنبول فيها سيدة لخواتم. ذلك ما يفسر حكاية الملحق (الديبلوماسي الديني)، واستعادة حكاية الرعاية التركية، وذلك ما جعلنا نشكر الخارجية الاردنية في هذه الحيثية على الاقل.
العرب اليوم