وقفَ الموتُ أمامه
لكنه ما زال يرى النار والدخان،
ابتلع ريقه بحثاً عن ماء..
(والموت يراقب)..
تحسّسَ مكان الجرح، فلا يجده..
فقط رأى ولمسَ الدماء ...
هو لم يشعر بألم ... فقط عَطش لماء!
صرخ: اريد ماء..
التفتَ الى يمينه للنجدة..
رأى صديقه نائماً في بركة حمراء!
بدأ صوته يضعف!
الموت يراقب!
أحسَّ ببرد شديد...
وبكلماتٍ متقاطعة هَمَسَ ... " انا بردان"
هناك من داعب خصلة من شعره ... كانت أخته بِشَعْرِها الليلي..
ابتسم وقال: احضنيني ..."انا بردان" ...
سمع غناءً، ابتدأ يعلو... وميّز صوت أخيه والعود..
ففرح قلبه!
وصوتٌ يُحبهُ، قال بحزمٍ ودموعٍ مختبئة: " لا تخف انت رَجُلٌ"!
أجابه وأسنانه تصطّك : "انا لست خائفاً أبتاه ... لست خائفاً اطمئن"
رأى حبيبته ترقص في دبكة.. ومدّ يده ليلامسها...
الموت ينتظر !! وهو ما زالت روحه تغازل الأحياء ...
صرخة روحٍ ... أحضرتْ كل الأحياء ...
صرخة روح ... دَعَتْ كل الأموات !
وأنينُ جرح ينزف .... بعثَ الموت !
ما زالت الروح تبحث !!...
أين عيون أمي ؟ أين هي ؟
حَضَرَتْ لتُقّبِلَ الجرح بكل الصلوات !
استوقفها وقال : احضنيني " انا بردان "
العينان أصبحتا ترى نصف نارٍ ونصفَ دخان ...
والأذن لا تسمع سوى ألحان !
الموت لا يعتذر ... انه ينتظر ..!
فالروح مصرّة أن تودّع آخر رمقٍ، بأجمل الألحان..!!!
ودعّته بصوتٍ ملائكي ...
" انا صار لازم ودّعْكُنْ"!
وانطلق الموت يبحث عن جرحٍ آخر ...
بلا حزنٍ ولا ألحان !!
وغدرٍ ... كغدر النيران !