خطبة الجمعة أضخم منتدى عالمي
20-06-2015 06:27 AM
عمون - مجازيا إن صح التعبير، فان خطبة الجمعة تشكل واحدا من أهم المنابر الإعلامية والتوجيهية والدعوية والإصلاحية في حياة المسلمين عامة، أن لم تكن أهمها على الإطلاق، لمكانتها أولا في حياة المسلم وتأثيرها في بناء قيمه الدينية وتشكيل جزء كبير من وعائه المعرفي وفي كونها جزءا من صلاة يوم الجمعة.
وثانيا لأن أعداد المؤدين لصلاة الجمعة وسماع خطبتها تجعلك بحق أمام اكبر وأضخم منتدى وملتق دوري في العالم العربي والإسلامي، وهذا المنتدى يتكرر حوالي خمسين مرة في العام، ويشارك فيه كافة طبقات وشرائح المجتمع،ضمن ضوابط محددة، ومما يزيد من أثرها أن المسلم مأمور بالسعي لصلاة الجمعة ومطلوب منه الإنصات للخطبة والخطيب ولا يجوز له الكلام.
إذا من الصعب تصور أي فعالية في حياتنا بضخامة هذا الحدث ودقة توقيت إقامته والالتزام بقواعده ومواعيده، والمستمعين للخطبة يزيدون ولا ينقصون بخلاف غيرها من وسائل الدعوة الأخرى أو المستجدات العصرية كالمحاضرة والدرس والندوة التي تعد لها مؤسسات المجتمع الأخرى، وتجتهد وتوزع رقاع دعوة وتستخدم كافة وسائل الاتصال للدعوة لندوة أو محاضرة، ثم لا يشارك فيها إلا العشرات أو المئات في حالات استثنائية.
والسؤال الكبير هل نترك خطبة الجمعة هكذا، رغم أهمية دورها في حياتنا، وفي كونها ان صلح مضمونها تلعب في تكرارها واستمرارها واتكاءها على الدين دورا كبيرا في إرساء الخير والصلاح والحث على الفضائل والأخلاق وحسن التعامل والأعمال التي تسعد المجتمع.
هل نترك خطبة الجمعة بدون تطوير، تاركين إمكانات تأثيرها الايجابي في مختلف مناحي حياتنا الشخصية والاجتماعية والفكرية والسلوكية والقيمية وتأثيرها الهائل في بناء المعرفة الدينية الصحيحة ومكافحة أفكار التطرف والغلو واليأس.
هل نترك خطبة وفق اجتهادات بعض الخطباء التي تعج بما لا يتلاءم مع جوهر ديننا الحنيف .. هل نتركها دون أن ننقيها مما علق بها من بعض الأفكار الخاطئة والمحرضة والمنفرة المؤذية للدين والناس..
ماذا لو فكرت دولة على وجه الأرض أن تقيم مثل هذه الفعالية بشكل أسبوعي، لتتحدث من خلالها الى مواطنيها.. كم ستحتاج من مال؟ ثم كم ستحتاج من وسائل لجمع الناس في هذا التوقيت؟ وكم تحتاج إلى أمور أخرى لتتمكن من إقامتها لمرة واحدة فقط، وفي تقديري إنها بعد أن تنفق ملايين الدولارات وتستهلك عشرات السنين، فإنها لن تستطيع بناء مثل هذا الحدث العظيم بدوريته وقواعد الالتزام فيه، فلماذا لا نستفيد منه في عالمنا العربي والإسلامي الذي يعج بمئات القضايا التي تتطلب الحلول والتي يمكن أن يسهم فيه هذا الخطاب.
بعد كل ذلك .. هل تدرك الدولة والحكومة على وجه الخصوص كل هذه الأهمية وإذا كانت تدرك ذلك ماذا فعلت من اجله؟؟
هل في إستراتيجية الدولة التي وعدت بها لمكافحة الفكر المتطرف أي مرور على هذه الخطبة...؟؟؟ ومدى إسهامها في تصحيح كثير من الأخطاء التي استقرت لدى الناس... وبالتالي قدرتها على مكافحة الفكر المتطرف .. وهل لدى الدولة إدراك أن هذه الخطبة هي الوحيدة التي تصل إلى كافة المواطنين على مختلف شرائحهم ومناطقهم... وهل تدرك الدولة أن استثمار هذه الخطبة لما فيه الصالح العام لا يمكن أن توفرها أي وسيلة أخرى؟؟ وهل تدرك انه لو حسن مضمونها لكانت اكبر مصدر لتوليد الطاقة الايجابية المنتجة في المجتمع؟؟
ثم هل هناك مرحلة اهم من هذه المرحلة تستدعي الاهتمام بهذه الخطبة واستثمارها لما فيه خير وصلاح ديننا الحنيف.
تطوير خطبة الجمعة وتفعيل دورها فى بناء المجتمع وفي بناء الفضائل وتعزيز الصالح العام والإسهام في بناء جيل متوازن هي مسئولية القائمين على شئون المساجد وبالتحديد وزارة الأوقاف، فهل تتدارك الوزارة أهمية هذه المؤسسة الكبيرة وتخرج بإستراتيجية وخطط للتطوير وللاستفادة من الإمكانات الهائلة التي توفرها هذه الخطبة في بناء مجتمع متسامح ومنتج ومتوازن وفي التصدي للكثير من الأفكار المتطرفة والعادات الخاطئة.
هي دعوة لطرح الموضوع على أمل أن يثريها أهل العلم والاختصاص.