بمجرد ذكر دعم الخبز كالعادة تمتلىء الصحف بعشرات المقالات ويضج الشارع بمثل هذا العدد أو يزيد من البيانات التي تحذر من المساس بالدعم وقوت المواطن فيه، وكأن هذا الدعم يذهب حقا للمواطن المستحق.
الحديث عن الخبز هو أكثر المواضيع شعبية، فليس غريبا أن يطرق طلاب الشعبية بابه بكثير من التشويق وقليل من المنطق، كثير من التشويق في إستخدام كلاشيهات رنانة مثل « خط أحمر أو قوت الغلابا أو رغيف الفقراء « وما الى ذلك.
إستهلاك الخبز تغير في الأردن حجما ونوعا وشكلا، فالخبز المدعوم لا يستهلكه الميسورون الذين يفضلون أنواعا أكثر رفاها حتى الطبقة الوسطى لا تقبل عليه ومبيعات المخابز تثبت ذلك، حتى أن وضعه في خانة القرارات الحساسة فقد معناه، ففي الاردن اليوم أكثر من 3 ملايين مقيم، وهناك من يبيعه علفا لرخص ثمنه وتحويل الطحين المدعوم الى إنتاج الحلويات والكعك إضافة الى المتاجرة بالطحين المدعوم والتلاعب بالكميات الذي وفر أرباحا طائلة للمطاحن والناقلين ولبعض المخابز والفروقات فيها بحسب التقديرات 60 مليون دينار سنويا تتحقق من فرق دعم الخزينة للطحين بنحو 227 مليون دينار وبيعه للمخابز بـ 69 دينارا للطن لتثبيت سعر كيلو الخبز للمستهلك ب 16 قرشا للكيلو.
فرق السعر بين الطحين المدعوم والطحين الحر يسمح بالتلاعب، هذه نتيجة توصلت اليها الحكومة لكنها عاجزة عن حلها بسبب حساسية رفع الدعم وإيصال رغيف الخبز للمستحقين بالسعر المدعوم، على الحكومة أن تتخذ القرار برغم مقولات الرافضين بأن المس برغيف الخبز هو خط أحمر أو أخضر أو أصفر فهذه الأوصاف لا تعد بدائل بل هي حجة المفلس الباحث عن مصفقين أو قراء.
تتحدث الحكومة عن رفع الدعم عن الخبز على إستحياء، فالقرار ليس شعبيا، لكن هذه الحكومة سبق وأن إتخذت قرارات ربما أكثر حساسية مثل المحروقات وسلة الضرائب والكهرباء وقريبا المياه.
فرق الدعم في الخبز يبلغ 185 مليون دينار، نصيب الفقراء منه 13.6%، مقابل 11.4% للميسورين، وهي أرقام يمكن إستيعابها فعلا حتى لو تلقت الشريحتين دعما نقديا مباشرا.
الاثنين الماضي مر رئيس الوزراء عبدالله النسور في لقائه مع كتاب ورؤساء تحرير صحف على «دعم» الخبز والطحين، وبقدر ما يشعرك بقناعته ضرورة إتخاذ القرار يعود الى محاذير التوقيت فلماذا التأجيل؟