الامن المائي العربي .. الى اين؟
ميسون الزعبي
17-06-2015 07:26 PM
تعد مشكلة المياه في المنطقة العربية ذات ابعاد مختلفة فالأوضاع السياسية المضطربة التي تشهدها المنطقة وانعدام الامن المائي وزيادة السكان يرافق ذلك زيادة في معدلات العنف والاضطرابات حولت المنطقة الى بؤرة خطيرة يعاني فيها السكان من ضعف في الموارد المائية وانخفاض المرونة لدى السكان امام الكوارث المتعلقة بالمياه التي تحدث في ظل الفقر القائم والبطالة والنزوح والجفاف وعدم تمكين المرأة .
إن القضايا المزمنة للتنمية في المنطقة، تسارعت في ظل غياب الاطار الاقليمي وقاعدة المعرفة القائمة على الاحصاء الدقيق والموثوق، في وقت استمر فيه التدهور في النمو الاقتصادي وتراجع الاستثمار وفرص العمل وزاد الطلب على المصادر الحيوية كالمياه والكهرباء بالإضافة الى الادارة السلمية للنفايات.
أن استمرار نمو السكان في ظل الطلب المتصاعد للمياه وخصوصا في البلدان ذات الكثافة السكانية العالية والتي يقطنها لاجئين ونازحين "الأردن أنموذجا " يجعل من تلك المناطق عرضه لاشتعال الصراع ويتطلب من التعاون الجاد والسريع للحيلولة دون وقوع كوارث إنسانية.
إن ما يجب أن نجعله نصب أعيننا أن ثروتنا المائية مهما كبرت ليست ملكاً لهذا الجيل فقط، وإنما هي حق أيضاً للأجيال القادمة، وأنه وإن توفرت لدينا الإمكانيات لاستخراج هذه المياه ولو من مكامن سحيقة، فيجب ألا يكون ذلك ضوءاً أخضر لاستخراج كل ما يمكن لنا استخراجه واستخدامه على وجه الخصوص لري محاصيل يمكن لنا استيرادها وتوفير استهلاكها الكبير من المياه لتحقيق هدف أكثر ما يكون أهمية وهو الأمن المائي أو بمعنى آخر يجب ألا يكون ما نسعى إلى تحقيقه من أمن غذائي على حساب إخلالنا بالأمن المائي.
أصبح الماء سبب رئيسي للصراعات حول العالم، فعندما تعاني من ندرة المياه، هناك صراع للسيطرة على المورد. وهذا يمكن أن يتصاعد بسرعة إلى أعمال عنف وتمييز مثلما شهدنا من نزاعات على الري بين القري والعائلات فى ريف مصر بين الفينة والأخري والاخر من أجل أولوية الري. ومن أهم جذور الأزمة السورية هو نقص المياه الناتجة عن نقص الامطار والجفاف الشديد بين عامي 2006 و 2010 مما أدي لنقص المزروعات والغذاء وهجرة الفلاحين للمدن وبدوره أدي لضغوط شديدة على الخدمات الحضرية وزيادة معدلات البطالة.
وتظل التحديات في توفير الاحتياجات الحيوية للمياه النظيفة قضية تشغل المجتمعات مع التركيز على دور المرأة باعتبارها البنية الاولى للمجتمع .ويظل صانعوا السياسات هم المطالبين بإعطاء الاولويات عند وضع الاستراتيجيات والحلول من خلال الحوار والتعاون الدولي للتغلب على كل التحديات واحلال لغة السلام والتعاون بديلا عن لغة الحروب.
وبالتالي يجب أن تكون قضية الأمن المائي والتعاون المائي العربي هي القضية الأولى على رأس جدول أعمال القيادات السياسية فى العالم العربي. ليس هناك أدني شك في أن التعاون في مجال المياه هو خطوة في الاتجاه الصحيح من أجل الاستقرار والسلام والرخاء في المنطقة.