مجلس التعليم العالي .. ازمة مصالح لا ازمة مبادئ!!
د نضال يونس
14-06-2015 11:46 AM
لا يوجد بصيص امل في إمكانية حدوث انفراج في الأزمة القائمة بين مجلس التعليم العالي ووزير التعليم العالي، خاصة بعد دخول لجنة التربية والتعليم النيابية، وأعضاء من اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية على الخط، بل يتوقع أن تُستولد أزمات جديدة من رحم هذه الأزمة، وهي أزمة المصالح التي يدفع التعليم العالي الاردني فاتورتها الباهظة.
أقول ان الأزمة التى نشهدها فى اداء مجلس التعليم العالي هي أزمة "مصالح"؛ لأنني على يقين بأن من الخطأ الاعتقاد أن أصل الأزمة هو الاختلاف فى وجهات النظر حيال قضايا التعليم العالي، وعلى الاخص قضية التجديد او عدم التجديد لرؤساء الجامعات الحاليين، فى وقت يتطلع بعض اعضاء المجلس الى ترشيح انفسهم لرئاسة الجامعات، مع ما في ذلك من تضارب واضح فى المصالح.
صحيح ان قانون التعليم العالي لم يمنع اعضاء مجلس التعليم العالي ترشيح انفسهم لرئاسة الجامعات، لكن فى النظم الديمقراطية التى تحترم مبدأ "تكافؤ الفرص" تحتم عليهم ان يستقيلوا من المجلس فى تلك الحالة شانهم شأن من يترشح لمجلس النواب فيستقيل من المواقع الرسمية، بدلا من التشكيك فى أداء كل الرؤساء وتشكيل لجان تقييم هدفها الرئيسي فتح المجال لوصولهم لرئاسات الجامعات، وعندها لن نحتاج لمسرحيات التصويت وإعادة التصويت، لكن لعبة المصالح وتغليب "الأنا" هي التي دفعت الأمور إلى هذا المستوى من التراجع فى اداء المجلس ، ورفضه حتى مجرد الاستماع الى الرأي الأخر، إلى حد منع نشر المقالات الصحفية التى لا تتفق مع رأى بعض اعضاء المجلس الذين يصرون على ازاحة "كل الرؤساء" فى سبيل وصولهم الى رئاسة الجامعات ، مما اربك عمل المجلس واختزله فى هذه القضية وغيب دوره الصحيح فى رسم السياسات والإستراتيجيات.
اقول ان الازمة الحالية داخل المجلس تفوح منها رائحة المصالح الخاصة، والشللية، لا مصلحة الاكاديميا الأردنية مما تسبب في هذا "التطاحن" على رئاسة الجامعات الذي لا يخفى على الجميع، والذي تشظى حتى طال كل ما له علاقة بالتعليم العالي والحريات الاكاديمية والاستقلالية الجامعية ، علما بانه كان من الممكن العبور بسفينة المجلس إلى شط الأمان لو حضرت النوايا الصادقة في خدمة الاكاديميا الاردنية من كل الأطراف.
ثمة من يظن أن دخول اعضاء لجنة "التربية النيابية" على الخط يوم الاحد الماضي، وعجز الوزير عن الدفاع عن وجهة نظره حول قرار رفع معدلات القبول وخروجه من "اللجنة بطريقة غير لائقة" قد فاقم الازمة وعقدها، وذلك تقدير خاطئ، وتفاؤل في غير محله، وهنا أستحضر الخبر الذي تم بثه على احد المواقع عن شهود في اجتماع اللجنة النيابية أن النواب هم من "اساءوا للوزير بألفاظ استفزازية" والوزير تحلى بالهدوء والدبلوماسية إلى أقصى الحدود، و فى ظني ان هذا التحشيد ضد الوزير جاء من أطراف "خفية" تسعى لاسقاط الوزير؛ خصوصاً وأن هذه الاطراف تنتظر الرد على ما وصفته بضعف اداء وزير التعليم العالي، الذى لم يعد قادرا على ادارة العديد من الملفات!
الأسوأ من ذلك يمكن ترقبه في الأزمة الجديدة بعد مناقشة تقييم جامعة اليرموك، وما تلاها من فتح المجال للترشيح لرئاسة الجامعة والتشكيك مرة اخرى بأداء الوزير وقدراته، خصوصاً وأن طرفي الأزمة هذه لن يكون الوزير واعضاء المجلس فقط، بل ستكون لجنة التربية النيابية التي أخذت على عاتقها مسألة "سحب الثقة" من وزير التعليم العالي، ومن يرصد ما وراء الكواليس يقف على معركة خفية لم تظهر على السطح حتى الآن، بين "أطراف" تبدي احتجاجها على اداء الوزير ، وأطراف تطالب بعدم التجديد لأي رئيس جامعة، وهي التي دفعت بكل أطراف الأزمة إلى التحرك في غير اتجاه لكسب ولاءات أعضاء مجلس التعليم العالي قبل نشوب معارك التصويت.
القراءة الواضحة الآن والتي تدعمها الوقائع أن مجلس التعليم العالي ، وربما اعضاء من اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية، يقفون في معسكر واحد، للإطاحة بالوزير ورؤساء الجامعات، و لا يعارضون ترشيح اعضاء المجلس أو اللجنة الوطنية لرئاسة الجامعات، خصوصاً وأن قوانين النزاهة والشفافية وتضارب المصالح ما تزال حبراً على ورق، وهو ما سيصل بالأمور إلى مرحلة كسر العظم، ما يؤكد ذلك التحركات الخفية التي تمت في الاسابيع القليلة الماضية تحضيرا لساعة الصفر، والتي ستثبت أن الأزمة هي أزمة "مصالح" بالدرجة الأولى لا أزمة "مبادئ" وإن ارتدى أصحابها ثياب الورع والصلاح...