على من اصابه مرض وخجل من الجهر به واخفاه ان لا يتوقع الشفاء، فهو على موعد محتم مع الهلاك، ونحن في عالمنا العربي مصابون بأمراض منها ما هو اخطر من الايدز، لأن فقدان المناعة فيه سياسي ووطني وانساني.
ولم اكن اتصور ذات يوم ان المحاكم الفلسطينية في الضفة الغربية سوف تعج بقضايا وملفات ذات علاقة بالأرض والملكية، وهناك اعداد كبيرة ممن حرموا من العودة الى وطنهم تعرّضت ممتلكاتهم لسطو ذوي القربى الأشد مضاضة، ولولا تأكدي من ان هناك الالاف ممن سيتنفسون الصعداء وهم يقرأون هذه السطور لترددت في كتابتها، خشية من سوء التأويل او الحكم الجاهز المُسبق على مثل هذه المقاربات بأنها سلبية، او تركز كما يقال على النصف الفارغ من الزجاجة.
اعرف بدءا ان الاحتلال وما جرُه من استيطان من خلال التوأمين الصهيونيين وهما الدبابة والجرافة هو الأجدر بالتذكير والتجريم، لكن ذلك لا يحول دون البوح بظواهر قد تكون نتائجها اعقد وأسوأ مما يتصور البعض، وتقتضي الصراحة اولا ان اعترف بأنني شخصيا احد هؤلاء، فأنا اشتري زيت الزيتون من مختلف مصادره منذ عدة عقود، ولي من شجر الزيتون في بلدتي ما يفيض عن حاجة عشرات او مئات مثلي، لهذا لا اجازف بما لا اعلم حين انبش هذا الملف المسكوت عنه.
فلماذا حدث ذلك ؟ وكيف تحولت دائرة حارس املاك العدو الى حارس املاك الشقيق؟
ان ما اسمعه يوميا من اقارب واصدقاء ومعارف حول حقوق هُضمت من ذوي القربى اجبرني على الخروج عن الصمت او حتى الهمس، اذ لا يمكن ان ينقسم الناس في زمن الاحتلال والتنكيل والمطاردة الى ظالم ومظلوم . وغير مسموح لأحد على الاطلاق ان يعيد صياغة المعادلة التاريخية والوجودية ذات الطرفين وهما الاحتلال وضحاياه كما انه من الكوارث الانسانية والوطنية ان يعاني انسان من احتلال مركب او مزدوج، بحيث يكون اخوه ايضا عليه، على طريقة ذلك الشاعر الجاهلي الذي قال انه ان لم يجد احدا يغزوه تلك الليلة فسوف يغزو اخاه واسمه بكر !! والمسألة على ما يبدو بدأت حالات فردية تعرضت لاستهجان واستنكار ثم تفاقمت بحيث اكتسبت شرعيتها الملفقة من التكرار والتعميم !!
لعلّ هذا البوح مناسبة لنداء بأعلى صوت لمن تجاسروا على هضم حقوق المحرومين من ارضهم وممتلكاتهم كي يعيدوا المعادلة الى وضعها الصحيح وهي ان المحتل هو اسرائيل فقط، واي خلط للأوراق في هذا السياق ينذر بما لا نتمناه وما لا تُحمد عقباه !!
الدستور