تعدد صناع القرار الأميركي
د. فهد الفانك
13-06-2015 04:36 AM
في محاضرته الأخيرة في النادي الارثوذكسي، لاحظ الدكتور معروف البخيت أن السياسة الأميركية لا تخلو من مفارقات تصل أحياناً إلى درجة التناقضات، فتجد مثلاً أنها تدعم إيران في العراق وتقاومها في اليمن وتحارب الإرهاب بشكل عام ولكنها تدرب وتسلح إرهابيين.
أميركا تحارب «داعش» ولكنها لا تمس مراكز القيادة ووسائل الاتصالات الخاصة بالتنظيم ، ولا تعترض على قوافل الآليات والمركبات الداعشية التي تسير في صحراء مكشوفة ، بمعنى أن جزءاً من أميركا يريد إضعاف داعش أو احتواءها ولكن جزءاً آخر يرى منافع وجودها للحصول على تنازلات عربية.
التفسير الذي جاء به الرئيس السابق والمفكر الاستراتيجي هو تعدد مراكز القرار الأميركي ، فليس صحيحاً أن سياسة أميركا تتقرر في البيت الأبيض عن طريق الرئيس ، فهذا أحد مراكز القرار ، ولكن هناك مراكز أخرى في وزارة الدفاع ووزارة الخارجية والكونجرس ومراكز البحث الاستراتيجي واللوبيات القوية والصحافة بجميع أشكالها.
ليس غريباً والحالة هذه ان نشهد تأييداً أميركياً للإخوان المسلمين في مصر وتأييداً لنظام السيسي ، وقوى تريد الانسحاب من العراق بأي ثمن وأخرى تريد العودة إلى العراق وبناء قواعد جديدة للجيش الأميركي آخرها في الأنبار.
هناك خلافات عميقة حول السياسة الأميركية تجاه إيران ومشروعها الذري تتراوح بين التساهل والتقارب لدرجة التحالف وبين الرفض المطلق لأي اتفاق مع إيران والتهديد بإحباط الاتفاقية في الكونجرس إذا وقعت في البيت الأبيض.
جزء من أميركا يفضل الانسحاب من الشرق الأوسط ونقل مركز الثقل إلى الشرق الأقصى ، وجزء آخر يعتبر الشرق الأوسط أهم بقعة استراتيجية على سطح الأرض على الأقل من أجل إسرائيل.
يبدو على الأرض أن إسرائيل تتعامل مع أميركا من خلال مركزين هما الكونجرس واللوبي الصهيوني ، في حين أن العرب يتوجهون إلى البيت الأبيض ووزارة الخارجية.
إسرائيل تعتمد على أميركا ومع ذلك قادرة على ابتزاز أميركا بسياسة العصا أو الجزرة ، أما العرب فلديهم القدرة على الضغط على أميركا ولكنهم يتعاملون معها بسياسة الجزرة أو الجزرة.
الرأي