الراية الهاشمية: دلالات التاريخ ومعاني الحاضر والمستقبل
د.خالد الشقران
10-06-2015 03:04 PM
يعكس قيام جلالة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة، يوم أمس الثلاثاء، بتسليم الراية الهاشمية لتنضم إلى رايات وأعلام القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، جملة من المعاني والدلالات السياسية والتاريخية والدينية والعسكرية التي يجدر التوقف عندها ملياً وتحليل مضامينها وأبعادها.
في البداية، فإن الراية الهاشمية تعبّر عن الامتداد التاريخي الطبيعي لأصل راية الثورة العربية الكبرى التي وُجدت برسالتها ومبادئها لتكون رمزاً للتحرر والحياة والسيادة، واستمرت لتبقى خفاقة شاهقة في عنان السماء في سبيل الحفاظ على استقلال الأرض والدفاع عن قيمة الإنسان وكرامته في موطن العروبة والإسلام.
وفي البعد السياسي، تحمل راية الهاشميين دلالات تشير إلى أن استمرار مسيرة الهاشميين في الحكم لم يكن وليد صدفة وإنما مرده أن هذا الحكم وعبر أجيال من القادة الهاشميين قد ارتكز على نهجٍ خلطَ بين القوة والحكمة والإنسانية ليشكل أنموذجاً فريداً في فن «إدارة المُلك بتوفيق من الله المالك في شؤون تدبير الممالك»، فاستمرت أجيالهم في الحكم ونجح نهجهم القائم على الوسطية والاعتدال والتسامح والإحسان والانحياز إلى الناس وهمومهم، واتباع أسلوب الحوار الحضاري القائم على إشراك الجميع والابتعاد عن الإقصاء والتهميش والاحتكار، والبناء التراكمي المتدرج كطريق أوحد لإحداث التغيير نحو الأفضل للدولة والمجتمع، لتكون النتيجة زيادة محبة الشعب لهم وتمسكه بهم حُكماً ونهجاً في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة سقوط أنظمة القمع والتسلط من حولهم.
أما دينياً وتاريخياً، فتشير الراية الهاشمية ببسملتها وحمدها وتوحيدها لله إلى امتداد الشرعية الهاشمية عبر التاريخ لتكون بعمق الرسالة النبوية التي حملتها وتناقلتها أجيال الهواشم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الأطهار رسالةً نقية كما تركها نبينا للأمة وللإنسانية جمعاء «محجة بيضاء ليلُها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك»، لتعكس جوهر الدين الإسلامي القائم على السلام والمحبة والتسامح والعدل والخلق الرفيع والعيش المشترك، ولتعكس كذلك القواعد الحقيقية للدفاع عن العروبة والإسلام ومبادئ الإنسانية، في وقت تعيش فيه الأمة فتناً ومحناً أقل ما يمكن وصفها بأنها «كقطع الليل المظلم» جراء بروز وتنامي ظواهر الفكر المنحرف التي تسعى لإفناء الآخر بذريعة الدفاع عن الإسلام، وهو منهم براء.
وفي الاطار العسكري، تشير الراية الهاشمية في الجوهر والمضمون، وكذلك في المبنى والمعنى، إلى أن الراية التي حملها المؤسسون الأوائل من الهاشميين والأردنيين الذين بذلوا أرواحهم رخيصة فداءً لمبادئ الثورة العربية الكبرى ورسالتها ودلالاتها العربية والإسلامية والإنسانية، هي ذاتها التي يفتديها الجيش العربي بالمهج والأرواح، وهي ذاتها التي يتم التأكيد من خلالها اليوم على الثقة الكبيرة لدى الملك والشعب بالقوات المسلحة الأردنية وبدورها الوطني ورسالتها العروبية والمصطفوية والإنسانية حاضراً ومستقبلاً في الدفاع عن حمى الأردن، وحفاظاً على الشرعية والإنجاز، وتجسيداً للحرية والشجاعة والفروسية حيثما اقتضى الواجب في دفع الأذى والباطل والذود عن المستضعَفين في أرض العروبة والإسلام والإنسانية.
"الراي"