ما من طريقة يمكن لليد وحدها ان تصفق بها غير لطم الوجه او ضرب الحائط، وما يحدث الان في واقعنا هو اعلان طلاق بائن بين الاسباب والنتائج والبدايات والنهايات وكان هذا الواقع اشبه بنبت شيطاني او نتيجة سحب ورقة يانصيب سيئة الحظ .
ان ما يسود الان هو العزف المنفرد في كل المجالات، فما من اوركسترا او مايسترو، والاستاذ بلا تلاميذ والكاتب بلا قارىء والمرسل بلا مرسل اليه، اما كيف حدث هذا كله فبالتدريج وتنفيذا دقيقا لاستراتيجيات سعت منذ عقود الى اعادة العربي غير سالم على الاطلاق الى قاعدته الصحراوية، بعد تجريده من كل الادوات التي عبر بها الى هذه الالفية الثالثة .
والتصفيق بيد واحدة اذا صدقنا انه ليس لطما للوجه او ضربا للحائط نمارسه جميعا وان بدرجات متفاوتة، فما من احد يسأل عن حصيلة ما يفعل وما من حاسوب يحصي حاصل الجمع، وحين قرأنا في صبانا عن حزمة العصي التي انكسرت فرادى لكنها صمدت وهي مجتمعة ظننا ان هذه مجرد حكاية، الى ان تأكدنا بعد انكسار العصي واحدة بعد الاخرى ان المسألة ليست مجرد قصة للتسلية، لكن الاوان حين يفوت لا ينفع معه البكاء على الحليب المسكوب كما يقول مثل انجليزي !
ان من يبادرون في اي ميدان من ميادين حياتنا وهم قلّة يجدون انفسهم كمن يحاول التصفيق بيد واحدة، او كمن يرقص التانغو مع ظلّه، او كمن يلعب التنس امام المرآة فيكتشف انه مهزوم بقدر ما هو منتصر، ولا ادري لماذا لا يتدخل من يعملون في علمي النفس والاجتماع في هذا الحال الذي لم يعد تفسيره سياسيا واقتصاديا مُقنعا، فالانكفاء داخل شرنقة الذات والتعامل مع الاخر باعتباره عدوا الى ان يبرهن على العكس أدى الى هذا التباعد وهذه الريبة المزمنة، وأصبح الفرد مُثقلا بنرجسية تدفعه دائما الى سؤال واحد هو لماذا لست انا، فهو يريد كل شيء وكل المهن دون ان يبذل حدا ادنى من الجهد، والحالات المرضية سواء كانت نفسية او جسدية تتفاقم وتستعصي اذا تفاقمت، واول سبب يؤدي الى تفاقمها هو التواطؤ، والتّعامي، وقد يفوت البعض منا ان للتخلف ايضا قوانين نمو لكنها معكوسة كعقارب الساعة التي تعود الى الوراء بانتظام !
فإلى متى سنظل نحاول التصفيق بيد واحدة ؟ سواء على الخدود او الجدران ؟؟
الدستور