يبدو عنوان «الايكونوميست».. «خسارة الشرق الأوسط» وكأنه نوع من الذكاء السياسي البريطاني العتيد. فخسارة أي شيء يجب أن تشير أولاً... إلى الخاسر. فمن الذي خسر الشرق الأوسط فعلاً؟!
من المؤكد ان اهل الشرق الاوسط لم يخسروه، والدليل رغم ملايين الهاربين من جنته ان هناك مئات الملايين يعيشون على ارضه.. وحتى حين يتقاتلون فانما هم يتقاتلون على ارضه ويدمرون ثرواتهم بأيديهم.
اذا كان الاميركيون والغرب هم الخاسرون. فذلك صحيح من الناحية السياسية على اساس ان هذا الشرق الاوسط مناطق نفوذ او ملعب صراعات دولية، وغير ذلك فالعرب والاتراك يصدرون ويستوردون من اميركا والغرب، والايرانيون يسعون الى المصالحة معه وطلب رضاه ليفك العقوبات الاقتصادية التي تمنع ايران من تصدير نفطها.. بعد ان تدهور انتاجه الى اقل من الربع المعتاد.
قد يكون الاميركيون والغرب خسروا احتكار اسواق الشرق الاوسط.. وهذا صحيح لكنه ليس لمصلحة عمالقة آسيا والصين واليابان والهند والنمور المصاحبة. فنحن في الاردن نصدر الى الهند اكثر مما نصدر الى اوروبا، ونستورد من الصين اكثر مما نستورد من الولايات المتحدة.
عناوين صحفية مثل: خسارة الشرق الاوسط، هي مجرد ثلاث كلمات مشحونة بالاثارة.. ونسمع مثلها من جمهوريين وديمقرطيين ينتقدون سياسات الرئيس أوباما، وكأن الحرب على العراق كانت كسبا من مكاسب عهد بوش الاب والابن. وكأن احتلال افغانستان «لضرب القاعدة» لم يؤد الى توزعها ونموها في الشرق الاوسط كله،..الى افريقيا واوروبا.
مع الاسف هناك عرب يلومون الرئيس الأميركي بانه لم يستعمل القوة في سوريا.. ويعقبون لانه لم يرسل جيوشه الى العراق «لتوحيده» او «لاعادة زرع الديمقراطية» في مؤسساته وتركه لداعش لتحتل في سوريا والعراق مساحة بريطانيا العظمى.
..وهذا غريب!! فلماذا يحارب اوباما في سوريا ولمصلحة مَنْ؟!
ولماذا يريد اصدقاء طهران تنظيف العراق من «الارهاب» لتتربع دولة الولي الفقيه على عرش العاصمة الفارسية.. بغداد؟! وكأن الولايات المتحدة بلطجي ايران.. وهذه نظرة إسرائيل اليها النظرة نفسها.
متناقضات الشرق الاوسط لا تختلف عن هلوسات بريطانيا الاستعمارية، او احلام ملاّت قم، او ما يمارسه العرب في حروبهم المنهكة العبثية، فلقد اعتادت بريطانيا على استعمال العصا. واعتاد الملاّت التعامل «بالتقيه» فأصبح المجهول هو الامام الغائب، واعتاد العرب تكسير ايديهم وارجلهم حتى ادمنوا الوجع..وصاروا يطلبونه من اميركا وروسيا وحتى.. اسرائيل.
الرأي