استقالة الرقاد تفتح جدل نصوص"الدستورية"
09-06-2015 11:51 PM
عمون – وائل الجرايشة – فتحت استقالة عضو المحكمة الدستورية خلف الرقاد الجدل على نصوص قانون المحكمة التي بدت تتقاطع مع الدستور وتزاحم مواده.
مغادرة الرقاد لموقعه مطلع الشهر الحالي والتي لم يصدر اعلان رسمي حولها، دفعت إلى النظر مُجدداً بنصوص قانون المحكمة الدستورية وتمحيصها، فمجموع النصوص تُكبل اجراءات تعيين عضو جديد وفق رأي مراقبين يختلف معهم آخرون.
فالمادة (5) الفقرة (أ) البندان (1/2) من قانون المحكمة الدستورية تنص على أنه " يعين الملك الرئيس والأعضاء لمدة ست سنوات غير قابلة للتجديد مع مراعاة ما يلي : عند نفاذ أحكام هذا القانون يعين في المحكمة تسعة أعضاء بمن فيهم الرئيس، كما أنه يعين ثلاثة أعضاء في المحكمة كل سنتين من تاريخ تعيين الاعضاء المنصوص عليه في البند (1) من هذه الفقرة".
الرقاد عُين على بند (الثلاثة اعضاء كل سنتين) حيث صدرت الارادة الملكية بتعيينه عضوا في المحكمة الدستورية اعتباراً من تاريخ 10 /6 /2014م وذلك بعد سنتين من صدور الإرادة الملكية بتعيين التسعة أعضاء السابقين بمن فيهم الرئيس وذلك بتاريخ 10 /6 / 2012م.
قانون المحكمة الدستور سعى لمعالجة سد شغور مقعد أحد الأعضاء عند انتهاء خدمته بالنص في المادة (22) على أنه اذا انتهت أو انهيت عضوية العضو في المحكمة فيتم تعيين عضو بديل له لاكمال المدة المتبقية من عضويته في حال نقص عدد الهيئة العامة عن (9) أعضاء.
اليوم عدد أعضاء الهيئة العامة للمحكمة الدستورية (11) عضواً (بعد شغور مقعد) على أن العدد سيترفع الى (14) عضواً في العام 2016 م وإلى (17) في العام 2018م، وهنا ستنتهي مدة عضوية أول قائمة عُينت العام 2012م وهي عبارة عن (9) أعضاء، فسينخفض عدد أعضاء الهيئة العامة إلى (8) أعضاء.
المعضلة أنه لا يجوز وفق أحكام قانون المحكمة الدستورية أن تنعقد الهيئة العامة بأقل من (9) أعضاء، فيما استثنى قانون المحكمة عقدها بأقل من (9) في حالات محددة ومحصورة في حال "التغيب بمعذرة مشروعة" أو "التنحي".
ونص قانون المحكمة " تنعقد المحكمة عند النظر في الطعن أو طلب التفسير المقدم لديها بهيئة من 9 أعضاء على الأقل ، وفي حال تغيب عضو أو أكثر بمعذرة مشروعة أو تحققت إحدى حالات التنحي تنعقد بحضور سبعة من أعضائها على أن يكون من بينهم الرئيس أو من ينوب عنه".
بمعنى انه اذا عُين عضو جديد فهنالك من يجد مخالفة للقانون الذي حدد التعيين ب 3 اعضاء كل سنتين، واذا لم يتم التعيين فإن اجمالي عدد الهيئة العامة سيبلغ 8 اعضاء بعد ست سنوات -من اول تعيين- وذلك في العام 2018م وهنا لا تنعقد المحكمة.
المشكلة الثانية تكمن في مدة عضوية العضو الجديد إن تم تعيينه وفقاً لما سمح به القانون، حيث أنه يخالف الدستور الذي قال صراحة أن مدة عضوية العضو 6 سنوات، وبما ان الرقاد استقال بعد نحو 8 شهور من عمله فكيف سيكمل العضو الجديد ما تبقى من مدته اذا ما حصلت "تخريجة" لتعيينه رغم النص الدستوري الواضح بالست سنوات.
واذا سمح للعضو الجديد باكمال ال 6 سنوات فإن المشكلة ستدور وترحل بحيث يعين العضو بشكل منفرد وتنتهي مدة زملائه الست سنوات وهو باقٍ، وستبقى مشكلة تعيين 3 أعضاء أم عضوين لحين انتهاء مدة الثالث في كل مرة.
ويرى فقهاء قانون أنه لو تُرك النص دستورياً على مطلقه وفقاً للمادة (58) دون التزيد في القانون بفقرة (تعيين الثلاثة أعضاء كل سنتين) لكان افضل حيث يبقى الخيار لجلالة الملك في التعيين مع مراعاة الواقع والمحاكم المماثلة في العالم في الحد الأعلى لعدد أعضاء المحكمة، لكن أن يقيد القانون نصاً دستورياً فهو يجافي المنطق.
وتنص المادة (58) من الدستور الفقرة (أ) على أنه تنشأ بقانون محكمة دستورية يكون مقرها في العاصمة وتعتبر هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، وتؤلف من تسعة أعضاء (على الأقل) من بينهم الرئيس يعينهم الملك.
وفي هذا النص يعاب على ما ورد في القانون من حيث استبعاد عبارة (على الأقل) والتي وردت في الدستور ومنحت صلاحيات للملك وسلطة تقديرية فلا يجوز مصادرتها في نص قانون المحكمة الدستورية الذي يقول في البند (1) من الفقرة (أ) في المادة (5) : عند نفاذ أحكام هذا القانون يعين في المحكمة تسعة أعضاء بمن فيهم الرئيس.
ففي النص السابق حصر صلاحيات الملك في تعيين 9 أعضاء وصادر المرونة التي وردت في النص الدستورية والتي منحت سلطة تقديرية للملك في تعيين أكثر من (9) أعضاء، فقد يرغب الملك ان يعين اكثر من هذا الرقم، لذا فكان الأولى أن وجدت رغبة لادراج هذا النص ان يتطابق مع الدستور.
رئيس مجلس النواب الأسبق الخبير القانوني المحامي عبد الكريم الدغمي لا يرى ضيراً أن يُعين الآن عضو محكمة أو تأجيلها إلى العام 2018 حينما ينقص عدد أعضاء المحكمة الى 8 أعضاء وقتها.
ويؤكد الدغمي في حديث لـ "عمون" إلى أهمية إعمال نص المادة 22 من قانون المحكمة والتي تشير الى انه اذا انتهت أو انهيت عضوية العضو في المحكمة فيتم تعيين عضو بديل له لاكمال المدة المتبقية من عضويته في حال نقص عدد الهيئة العامة عن (9) أعضاء.
وعن نص الدستور صراحة لمدة العضوية بست سنوات وقد لا يكمل العضو الجديد هذه المدة يقول الدغمي "الأحكام العامة واجبة التطبيق هنا في تعيين عضو لاكمال المدة المتبقية طالما اصبح هنالك نقص في عدد الأعضاء".
وبين أن الملك استخدم ما منحه اياه الدستور من تعيين هيئة المحكمة في العام 2012م ومن ثم تعيين 3 أعضاء بعد مرور سنتين، وعن وجود عبارة على الأقل التي نص عليها الدستور في حين ازالها القانون علق الدغمي "الدستور يقدم على القانون".
وعن تعيين الثلاثة أعضاء كل سنتين امتدح الدغمي النص وقال أنه مهم جداً "لا يريد المشرع فيما ذهب اليه أن يعين أعضاء المحكمة وتنتهي مدة عضويتهم دفعة واحد، بل من الحكمة تراكم الخبرات حيث يأتي أعضاء جدد كل عامين وهكذا".
من جهته اشرّ الفقيه في الشأن الدستوري الدكتور محمد الحموري على الخلل عندما وضعت التعديلات الدستورية، وقال "العيب بالشكل الدستوري، لكن تُكمله القواعد العامة".
واوضح أنه لا يوجد مانع في أن يُعين عضو يكمل باقي مدة العضو المستقيل، ويبرر رأيه بالقول " بغير ذلك يتعطل عمل المحكمة الدستورية"، لذا ينطلق الحموري من قاعدة "اعمال الدستور".
وأكد الوزير الاسبق " هذا الحال ما كان ينبغي"، مشدداً على أهمية لو كانت النصوص الدستورية اكثر مرونة، وقال "لكن من وضع النصوص في الدستور لم يتنبأ الى هذه الحالة ووضعوها في القانون مع أنها لا يجوز مخالفة الدستور".
وأشار إلى ان القواعد العامة تفرضها طبيعة العمل الدستوري والمحكمة الدستورية ينبغي أن تعمل وقد نص الدستور على أن تعمل، واذا كانت استقالة أحد الأعضاء سوف تعطل العمل فيقتضي تعيين عضو جديد يكمل المدة للعضو المستقيل.
وعن مخالفة مثل هذا الاجراء لنص القانون الذي تحدث عن تعيين 3 أعضاء كل سنتين فقط، عاب الحموري مجددا على النصوص ، معتقدا انه كان ينبغي ان تكون النصوص مرنة عند الحديث عن الاستقالة والوفاة.
من جهته قال وزير الدولة للشؤون القانونية الدكتور احمد زيادات ل عمون انه لا يجوز تعيين بديل في الوقت الحالي.
وبين انه "عندما ينقص عدد الأعضاء عن تسعة أعضاء عام ٢٠١٨ يمكن تعيين بديل، لإكمال المدة المتبقية، اي يعين عام ٢٠١٨ ثلاثة أعضاء لمدة ست سنوات وعضو لإكمال مدة الرقاد لمدة سنتين".