اسدال الستارة الأردوغانية
د.مهند مبيضين
09-06-2015 03:27 AM
تهاوى النجم الأردوغاني، وتبدد الحلم بانتقال تركي لنظام رئاسي يُحكم فيه سيد انقره قبضته على الحكم، وفي المقابل تصعد الهويات القومية وعلى رأسها الأكراد وتدخل البرلمان التركي، وهي مرشحة للتحالف مع القوى السياسية الأخرى لكي تعطل التفرد السياسي لحزب العدالة وتعيد اهل العدالة لحجمهم الطبيعي.
حزب العدالة تقدم، لكنه لم يحقق الانفراد، وسيظطر للتحالف مع القوى الأخرى، وهو تحالف لم يظهر شكله، ومن العسير توقع ماهيته، في ظل تحديات داخلية تواجه المصير الأردوغاني، فالاتراك ليسوا على قلب رجل واحد من الموقف التركي حول سوريا، وليس هناك ما يسعف أردوغان من إرث كبير في دعم الحريات وقد وقف موقفا مناوئا لكل محاولات التعبير السلمي والربيع التركي. فكانت احتجاجات ساحة تقسيم بداية التململ والتراجع في شعبية الزعيم الذي نقل تركيا إلى مصاف متقدمة.
لكن ما ينجح بالاقتصاد، قد لا يدوم في السياسة، وما حصل مع اردوغان هو أنه تاجر في الملف السوري أكثر من حماية المستقبل التركي، ترك الأكراد يتململون وتوج هذا التململ بتفوق حزبهم ومشاركته في الانتخابات وتجاوز عتبة 10% مما يمكنه من الدخول في الائتلاف المقبل.
هي السياسة وهو الاستحقاق الشعبي الذي عبر عنه مرشح حزب العدالة الرئيسي احمد داود أغلو، فبينما رد أوغلو معلقا على النتيجة بالقول، إن حزب العدالة والتنمية «هو المنتصر والفائز الأول في هذه الانتخابات دون أي شك» مع دعوة الأحزاب الخاسرة إلى «ألا تُظهر نفسها وكأنها منتصرة» مطالبا إياها بـ»إعادة حساباتها، فإن هذا التصريح دفع الآخرين إلى القول، إنهم» سييتريثون في القبول بأي ائتلاف يشكل للحكم».
التراجع لم يطارد العدالة وحدها فحزب «الشعب الجمهوري»، وهو أكبر أحزاب المعارضة، أيضا تراجعت حصته في الفوز، وهي حصة تعكس التراجع في التصويت له مقارنة بانتخابات 2011، وهذا الحزب الذي أسسه مؤسس تركيا الجديدة كمال أتاتورك لم تشفع له أبوة أتاتورك للاتراك كي يحقق المقاعد اللازمة للتفوق.
ثلاثة أحزاب تقدمت في النتائج وهي حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وحزب الشعوب الديمقراطي، وهي في مجمل نسبها التي فازت بها تفرض على حزب العدالة والتنمية أهمية مشاركة أي منها أو بعضها في الحكومة المقبلة.
في جميع الحالات ربحت تركيا، بمشاركة عالية في نسب التصويت، وإثراء للتعددية السياسية داخل البرلمان واحترام المعارضة لقوتها، وتفاعل كل القوى لأجل انهاء تفرد اردوغان في السلطة والحكم، وهو ما ينهي أحلامه التي بناها لكي يكون وريثا مستحقا لأباء الأتراك العظام الذين حاول التمثيل باحترامه لهم يوم توغل في الأراضي السورية لينقد رفاة «شاه فرات» ويحميه من بطش داعش، في علمية تمثيلية مكشوفة تبين أنها لم تسعفه في انتخابات أول امس.
الدستور