الواقع أن الإنجازات الصحافية في الأردن تفوق بأضعاف مضاعفة الأعمال والإنجازات الصحافية الظاهرة من خلال نقابة الصحفيين والصحف، فيعمل اليوم في قطاع الصحافة أضعاف هذا العدد، في المؤسسات الإعلامية والتلفزيونية وشركات الإنتاج الإعلامي والمؤسسات الإعلامية في الخارج وفي المؤسسات الحكومية والشركات الخاصة العامة والإعلانية والعلاقات العامة ومكاتب الصحف والمحطات التلفزيونية والإذاعية ووكالات الأنباء الأجنبية ومواقع الإنترنت والمجلات المتخصصة وغيرها ومراسلي وسائل الإعلام والصحافيين والكتاب الذين يعملون على نحو غير مسجل أو مؤسسي.
وتشكل الصناعات الثقافية والإعلامية اليوم واحدا من أهم مداخل الصادرات الوطنية، ربما تكون غير ملتفت إليها بعد، ولكن لو نظرنا نظرة عامة على ما تؤدي إليه الخدمات الصحافية والإعلامية القائمة اليوم في الأردن من اعمال المراسلين والمنتجين والمكاتب الصحافية والتلفزيونية وما حولها من خدمات كثيرة فيمكن القول إن الحجم الاقتصادي للصناعات الإعلامية والثقافية في الأردن يقترب من أو يدور حول بليون دولار، ويمكن مضاعفة هذا الرقم عشرة أضعاف بمنظومة غير مكلفة من السياسات والأدوات التنظيمية وقليل من التمويل والاستثمار لا يساوي شيئا بالنسبة لأبراج وعقارات عقيمة ومكلفة ومرهقة للاقتصاد والمجتمع والدولة أيضا.
فسوق الصناعات الإعلامية والإبداعية والثقافية واعد ومليء بالفرص الهائلة ويعتمد على العمل والمهنة والإبداع والتفوق أكثر مما يعتمد على الموارد المالية والاستثمارات الهائلة، ويمكن ملاحظة أن سوق العمل والكفاءات تكاد تكون مهيأة لتشغيل عشرات الآلاف من الشباب في هذا السوق النامي والذي يعتبر اليوم من أكبر الأسواق ومجالات التشغيل والفرص في العالم، من التصميم والتصوير والخدمات والترجمة والإبداع والبرامج التلفزيونية والسينمائية والكتابة والبحث والإعلان والتسويق والخدمات المتخصصة التقنية والإبداعية، ولا يلزم لأجل تحقيق ذلك سوى قدر معقول من حسن النية والتخلي عن الأنانية وأوهام الندرة.
لقد أصبحت الثقة والنوايا الحسنة في أسواق اليوم موردا كبيرا بل هي المورد الأول الذي يجلب الكفاءات والطلب على الخدمات، وتتيح شبكات الاتصال والمعلوماتية فرصة كبيرة لتسويق الأعمال من دون حاجة للسفر والعمل في الخارج وبتكاليف مخفضة عن المرحلة السابقة بنسبة كبيرة جدا.
ثمة حاجة لتوسعة مفهوم الصحافة وممارستها على النحو الذي يتيح تنظيمها بقدرات وإمكانيات أكبر بكثير من المفهوم الضيق والمتخلف لممارسة الصحافة والذي يقتصر على الصحافيين العاملين في الصحف الأردنية ووكالة الأنباء، وربما يلزم إنشاء عدة نقابات أو اتحادات إذا لم تكن نقابة الصحفيين قادرة على استيعاب وتنظيم اعمال الآلاف من الشباب في قطاع الإعلام، في الأردن وفي الخارج وفي مجالات وأعمال ومهن كانت تبدو بعيدة عن الصحافة أو تستبعد لأسباب غير مفهومة مثل خريجي الصحافة والإعلام من الجامعات والعاملين في المجالات الإعلامية والعلاقات العامة في المؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمعية والمجلات المتخصصة ووسائل الإعلام الأخرى والتي تتنامى على نحو هائل مثل محطات التلفزيون والإذاعات ومواقع الإنترنت، والعاملين في الإعلام في الخارج، وفي مجالات الإعلان والتصميم والإنتاج التلفزيوني والتصوير والطباعة والترجمة واستطلاع الرأي والنشر، وبالطبع فإنها أعمال وإن كانت تدخل ضمن الإعلام فإنه يصعب النظر إليها باعتبارها مهنة واحدة متجانسة وإن كانت قطاعا واحدا، وهذا ما يجب التفكير فيه والعمل على استيعابه.
وممارسة المهنة وتصنيف العاملين فيها ماتزال تعمها الفوضى وعدم الوضوح وفقدان المعايير العلمية والعملية المحددة للممارسة والمنافسة والتفوق، وكذلك فإن التدريب العملي والتأهيل المهني يحتاج إلى مواصفات وتطبيقات وامتحانات أكثر تنظيما وعدالة مما هو قائم، ويمكن الاستفادة في مواصفات المهن والمطبقة في مجالات مهنية أخرى أو لدى مؤسسات الجودة العالمية مثل الآيزو.
وفي جميع الأحوال فإن سوق الصحافة المتسع والذي بدأ يقدم حوافز مادية أفضل من السابق بحاجة إلى أن يفتح للتنافس ولأجل اجتذاب المتفوقين من الشباب في دراساتهم الجامعية أو في المجالات المهنية المختلفة.
عن الغد.