لماذا الوسام الملكي لكلية الإعلام؟
أ.د. عصام سليمان الموسى
08-06-2015 12:59 PM
مكرمة جلالة الملك عبدالله الثاني بمنح وسام الاستقلال من الدرجة الأولى لكلية الإعلام في اليرموك هي تتويج لمسيرة بدأت عام 1980، حين تم افتتاح دائرة الصحافة والاعلام . تحولت الدائرة الى قسم لاحقا، ثم الى كلية على يد الرئيس محمد ابو قديس، وعمل الدكتور سلطان ابو عرابي لتطويرها فافتح فرعا لبرنامج الماجستير في عمان ليستقبل الطلبة من العاصمة والجنوب وخارج المملكة من الكويت والسعودية (تم إغلاقه مؤخرا لسوء الحظ).
عملتُ محاضرا متفرغا بدائرة اللغة الانجليزية عام 1976 –عام الافتتاح - لمدة عام دراسي بطلب من أمين الجامعة وقتها الدكتور (دولة) عبد الرؤف الروابدة، الذي أصر ان اعلم في الجامعة الناشئة قبل ابتعاثي لدراسة الإعلام في أمريكا في (جامعة واشنطون) بمدينة سياتل ، بسبب حاجة الجامعة لمدرسين للغة الانجليزية. وكنت أحمل شهادة الماجستير في الأدب الإنجليزي من أمريكا.
وبسبب عملي لفترة طويلة في وسائل الإعلام العربية وافقت لجنة البعثات في جامعة اليرموك على تحويل بعثتي من الأدب الإنجليزي الى الإعلام. في سياتل، حيث تصنع طائرة البوينغ بالقرب منها، قضيت اربع سنوات هناك، وكتبت رسالة بعنوان (The Arab Image in the US Press) نشرت باللغة الانجليزية ثم بالعربية. عدت بعد التخرج فالتحقت بالدائرة عام 1981، ودرّست فيها 28 عاما منذئذ، وسأتحدث عن أهم انجازات عاصرتها في مسيرتها تلك التي دفعت باتجاه اتخاذ القرار الملكي لتكريمها:
لا بد من الاعتراف بداية بالدور الفاعل لمؤسس الدائرة الدكتور مازن العرموطي الذي عمل على وضع المناهج بتخصصات ثلاثة هي: تخصص الصحافة المطبوعة وتخصص الاذاعة والتلفزيون وتخصص العلاقات العامة. وما زالت هذه التخصصات منذئذ قائمة حتى الآن. وخلال ادارته للدائرة عهد للدكتور العرموطي بإدارة مهرجان جرش الذي افتتحه المغفور له الملك الحسين واستمر معلما حضاريا من معالم الأردن حتى الآن. وقد عمل الدكتور مازن على تأسيس استوديو اذاعي وآخر تلفزي، وتأسيس جريدة (صحافة اليرموك)، لتكون مختبرات عملية للطلبة. واستقطب في سبيل ذلك عددا من الكفاءات، منها الدكتور نبيل حداد من اللغة العربية لإداراة الصحيفة وابتعثه لأمريكا لمدة عام، كما استقطب عددا من الأساتذة المصريين، منهم الدكتور المعروف مختارالتهامي، ومن بريطانيا والباكستان لتدريس الفلم الوثائقي، وكان في نيته تحويلها لكلية. وخلال هذه الفترة عقدت الدائرة مؤتمرها الاعلامي الأول حول العلاقات العامة في الأردن. ونتيجة اتصالات الدكتور مازن الواسعة، أجرت الدائرة مشروعات دراسية مع منظمات الأمم المتحدة، كان من ابرزها برنامج (الاتصال السكاني) الذي عملتُ مديرا للجنته التوجيهية، وأجرينا مسوحات ميدانية في قريتي (حاتم وارحابا) في محافظات الشمال، واطلقنا حملة اعلامية في قرية حاتم لمدة اسبوع شارك فيها الزملاء جميعا، كما أطلقنا شعارا تبنته لاحقا مؤسسات تنظيم الأسرة في الأردن وهو (نحو اسرة سعيدة)، ونشر أعضاء اللجنة التوجيهية للمشروع بحوثا مهمة استفادت منها جامعات عربية خاصة التونسية.
حين عملت رئيسا لقسم الصحافة في عام 1990 وبدعم من الدكتور علي محافظة الذي ابدى اهتماما واضحا بتطوير القسم واستضافة محاضرين كبار له من العالم، تم تطوير استوديو التلفزيون بأجهزة حصلت عليها من اليونسكو، وبالتعاون مع وزير الإعلام المرحوم محمود الشريف تم ربط استوديو التلفزيون في القسم مع التلفزيون الأردني لبث برامج مباشرة من اربد. وزار الملك الحسين قسم الصحافة عام 1993 وتجول في مختبراته.
وفي منتصف التسعينييات تم عقد اتفاقية ارتباط اكاديمي مع جامعة جورجيا الرسمية، كنت مسؤلا عنها، شهدت بتشجيع من الدكتور فايز الخصاونة، تبادلا فريدا بين اساتذة الكليتين على مدار اربع سنوات، بموجبه تم سفر 13 مدرسا من القسم الى جامعة جورجيا ، ومثلهم الى الأردن من تلك الجامعة، والمشاركة في النشاطات الجامعية المختلفة. وفي مرحلة لاحقة تم اشراك الطلبة في ذلك البرنامج فقضوا فترة دراسية هناك..
لكن الخطوة الكبرى جاء بها الدكتور محمد ابو قديس عام 2009 ، فأقر تحويل القسم برؤية مستقبلية شجاعة الى كلية اعلام لتنافس، وهي الأعرق والأقدم، اقسام الصحافة الخاصة التي بدأت تظهر تباعا في الجامعات الخاصة مع قدوم ثورة المعلومات الرقمية. كانت النقلة خطوة كبيرة وضرورية، وتم بناء مبنى جديد للكلية أرسى حجر الأساس له جلالة الملك عبدالله الثاني. وافتتح برنامج الماجستير في الإعلام، وتم افتتاح اذاعة جامعة اليرموك.
وأكمل المسيرة البنائية الدكتور سلطان ابو عرابي الذي اتخذ قرارا عمليا مهما بافتتاح فرع لبرنامج الماجستير في عمان لمنافسة الجامعات الخاصة التي بدأت تستقطب طلبة من الدول المجاورة. كانت رؤية معاصرة وعملية لم تستمر على يد الإدارة الحالية.
من اهم انجازات الكلية عبر مسيرتها، هناك الخريجون الذين عملوا في وسائل الإعلام الأردنية والعربية، واصبحوا قادة يحتلون الصف الأول في تحمل مسؤوليات الإعلام الأردني: (حاليا هناك: الأستاذ طارق المومني رئيس تحرير الرأي-اضافة الى موقعه نقيبا للصحفيين، والأستاذ اسامة الرنتيسي رئيس تحرير العرب اليوم، والاستاذ محمد التل رئيس تحرير الدستور)، والدكتور أمجد القاضي مدير هيئة المرئي والمسموع والمطبوعات والنشر، والدكتور باسم الطويسي عميد معهد الإعلام الأردني. والنائب السيدة ميسر السردية، والسيدة خلود العميان رئيس تحرير مجلة فوربس الشرق الأوسط والأستاذ كايد هاشم الأمين العام المساعد لمنتدى الفكر العربي، والسيدة كارولين فرج مديرة مكتب الCNN في دبي، يضاف اليهم العشرات ممن يعملون بتميز واضح في وسائل الإعلام المحلية والدول العربية وكليات ومؤسسات الإعلام.
وعلى الصعيد العلمي، وفر بعض الأكاديميين العاملين في القسم أبحاثا نوعية نشرت باللغة الانجليزية-اضافة للعربية- وضعت الإعلام العربي والأردني على خارطة الإعلام الدولي، كنا بأشد الحاجة لها أوضحت دور العرب في تطوير وسائل الاتصال، مثل الأبجدية العربية والوراقة. بل ان عددا منهم اسهم في بناء كليات الإعلام العربية في منطقة الخليج العربي، وقررت مؤلفات البعض في الجامعات الأردنية والعربية.
وساهم بعض اعضاء الهيئة التدريسية بتأسيس (الرابطة العربية الأميركية لأساتذة الإتصال)، التي كان من أهدافها اقامة علاقات اكاديمية بين كليات الإعلام العربية وكليات الإعلام الأمريكية بهدف ايضاح وجهة النظر العربية ومواجهة الصورة المشوهة للعرب في الغرب. ونجحت الرابطة بعقد 19 مؤتمرا وأصدرت دورية علمية ويرأسها حاليا الدكتور محمد النواوي المختص بالاعلام ويدرس في إحدى الجامعات الأمريكية.
وقد عقدت الكلية منذ تأسيسها اربع مؤتمرات دولية ، ثلاث منها بالتعاون مع الرابطة، وقد افتتح المؤتمر الثاني ، الذي عقد بالتعاون ما بين الرابطة والمعهد الدبلوماسي وقسم الصحافة في جامعة اليرموك، سمو الأمير الحسن، ولي العهد، عام 1998. وكان آخر هذه مؤتمر (الإعلام والاتصال في زمن المكاشفة) الذي عقد بالتعاون مع الرابطة، وألقى كلمة الافتتاح الرئيسة فيه العالم الأمريكي (دونالد شو) صاحب نظرية ألأجندة الإعلاميةAgenda Setting Theory المشهورة.