عن السعودية واليمن وغيرهما
شحاده أبو بقر
07-06-2015 05:31 PM
من الواضح تبعا لتطورات الملف اليمني عسكريا ، أن ألإستراتيجية المستجدة لكل من صالح وإيران ، تسعى لأحد هدفين أيهما أسهل ، ألاول نقل الصراع إلى الداخل السعودي بأي ثمن ، والثاني جر السعودية إلى تدخل بري واسع داخل الاراضي اليمنيه ، وهي خطة يبدو ان ألاشقاءالسعوديين يدركون أبعادها ومراميها تماما ، وهم لذلك يفوتون الفرصة على نجاحها حتى الآن ، ويحرصون وبقوة على تجنب الإنزلاق نحو ما يمكن أن يخدم هذا المخطط .
لا أحد في ألأعلام الدولي المنافق ، يلقي الضوء على حقيقة أن المتمردين الحوثيين وقوات صالح هم من يواصلون تدمير اليمن ، وفي جنوبه بشكل خاص ، وحتى ً الكبار ً ، الذين أصدروا قرار مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن ، لا يميلون إلى تطبيق هذا القرار الواضح وضوح الشمس ضد التمرد وأعوانه ، ويجنحون عوضا عن ذلك ، إلى طرح تسويات تفاوضية يدركون سلفا عقم الركون إليها ، في ظل رفض الحوثيين بتوجية من إيران ودعم من صالح وأعوانه ، لأي توجه من هذا القبيل بصورة منطقية او حتى جاده .
ليس صحيحا أن السعودية تورطت في حرب اليمن كما يحلو للبعض أن يتهكم ، بل على العكس من ذلك تماما ، فإذا ما كان هناك من يلام ويتحمل المسؤولية كاملة عما يجري في اليمن ، فهما صالح وإيران قبل الحوثيين أنفسهم ، فلو لم يجد الحوثيون دعما عسكريا مباشرا من صالح ، وسياسيا وحتى عسكريا من إيران، لما تجرأوا على ما فعلوا إبتداء ، ولما توهموا أمكانية الهيمنة على السلطة بالقوة ، ولعرفوا حدود قدراتهم تماما .
كل يوم يطول في حرب اليمن ، يتحمل مسؤوليته ثلاثة أطراف ليست السعودية منهم ، وهم إيران التي تملك زمام قرار الحوثيين وبالكليه ، وصالح الذي يشاركهم تمردهم بقواته التي كان يفترض انها جيش وطني يمني لا جيشا لصالح وزمرته ، والولايات المتحدة التي باتت اليوم تحابي إيران جهارا نهارا ، وليس لها من أمر في الشرق الاوسط كله ، ألا أتفاقا تبرمه مع طهران بشأن برنامجها النووي ، حتى لو إحترق اليمن عن بكرة أبيه .
تملك السعودية التي تصدت للتمدد الإيراني الذي يتهدد العرب جميعا قبل أن يتهددها هي ، أن تعود إلى الجامعة العربية مجددا لتضع العرب جميعا أمام مسؤولياتهم في الدفاع عن عروبتهم وعن اوطانهم ، فلم يعد هناك متسع للتخاذل أو التردد ، خاصة بعد تنكر الدول الكبرى الخمس لمسؤولياتها ، وترك هذا الامر للدبلوماسية الاميركية المجاملة لإيران ، والرافضة من حيث المبدأ ، لإمكانية إستخدام القوة ، ألا ضد ما يتهدد مصالحها هي وحدها دون غيرها .
أميركا لن تعير اليمن إهتماما ، شأنها في ذلك ما تمارسه في سورية والعراق وليبيا ، والعرب وحدهم ، هم من يجب أن يعالج أزمة اليمن ، ولن نذهب بعيدا لنقول ازمة سورية والعراق وليبيا ، أو فلسطين ، فقد غضوا الطرف طويلا عن تلك الملفات حتى إستفحلت وتداخلت فيها المصالح والمطامح والمطامع الاقليمية والدولية على نحو مرعب وملتبس وشاق ، أما اليمن ، فما زال هناك فرصة لحل عربي لا يمكن للاجنبي التساؤل عن مشروعيته الآن على الاقل ، وأذا ما ترك هذا الامر لفترة اطول ، فسيلحق بسابقاته .
السعودية لم تتورط ، لسبب بسيط ، هو أنها تداركت الامر قبل فوات الأوان ، وقالت لإيران فعليا لا مجرد كلام ، أن للصبر حدودا ، مثلما قالت لإسرائيل ضمنيا ، ان تحالفا عسكريا عربيا ، أمر ممكن في أية لحظه ، والعرب جميعا وبلا إستثناء لأحد منهم ، يدركون ويعلمون علم اليقين ، أن هيمنة الحوثيين على اليمن ، تعني بوضوح ، هيمنة أيران على هذا البلد ، ليضاف الى رصيدها في العراق وسورية ولبنان ، ولتبدأ فور ذلك ، التمدد بإتجاه مكة والمدينة وسائر أقطار العرب في مشرقهم ، وصولا إلى تحقيق الحلم ألابعد الذي لا يخفي على أحد من العرب وسواهم .
من جديد ، نتمنى لو ان ساسة إيران يعودون إلى جادة الحق ، لبناء علاقات إيرانية عربية أفضل ، والتخلي عن منهجية التدخل غير المشروع او المبرر في شؤون العرب ، المنكوبين أصلا بإحتلال إسرائيلي بغيض ، ففي ذلك مصلحة أيران والعرب معا ، ونقيضه وبال على إيران التي يتوهم بعض ساستها اليوم ، أن اميركا والغرب ، يمكن ان يكونوا حلفاء او اصدقاء لإيران في يوم من الايام ، تماما كما توهم عرب كثيرون مثل هذا التحالف قبلهم ، أما السعوديه ، فلن تتورط في حرب برية في اليمن وحدها ، ولن تسمح بنقل الحرب داخل حدودها ، مهما طال أمد الحرب ، ولهذا فإن إيران تصنع خيرا ، إن هي قالت للحوثيين كفى ، وأفهمت صالح وأعوانه ، أن لا شأن لها بهم بعد اليوم ، فذلك ما هو أكرم لإيران وللعرب ، وذلك هو ما يحول دون تمتع الاجنبي بإقتتال عربي عربي ، أو إسلامي إسلامي . لا حول ولا قوة ألا بالله .