طارق عزيز .. لجوء سياسي إلى الأردن
ماهر ابو طير
07-06-2015 03:13 AM
رحل طارق عزيز وزير خارجية العراق، وعائلته لم تترك واسطة عربية واجنبية، منذ احتلال العراق عام 2003 الا ولجأت اليها، سعيا لاطلاق سراحه، فالرجل كان سياسيا، ولم يتورط بدم العراقيين، ولا كان تنفيذيا يخطط للحروب،او يشارك بها، فيما بغداد الرسمية أبت ورفضت.
عزيز في الاساس كان ضد اجتياح الكويت، غير ان عراق ما بعد صدام حسين اعتبره جزءا من المسؤولية في العراق، حتى لو كانت سياسة، ورفض كل وساطات التدخل للافراج عنه.
أعرف عائلته في عمان ونجله زياد يروي لي دوما حكايات عن والده، وعن زيارة امه الى بغداد، اذ كانت تأخذ موافقات مسبقة، وتسافر من الاردن الى العراق، لزيارة طارق عزيز في السجن، فتعود منهكة معنويا من الزيارة، جراء حالته الصحية المتردية والصعبة، واهمال علاجه من جانب بغداد الرسمية، التي لم تسمع اي نداء بقرار مسبق.
كان طارق عزيز يشتهي دوما فطائر محددة يصنعها خباز في عمان، ويروي زياد ان الخباز رفض اخذ كلفة صناعته حين عرف ان الفطائر محمولة من عمان الى بغداد لاجل طارق عزيز، وام زياد كانت كل مرة تحمل مأكولات خاصة له، تصنعها في عمان، وترتحل بها الى بغداد.
تعبت عائلته هنا، وهي تشكو هنا وهناك، لاطلاق سراحه، وسطت زعماء كبارا في العالم، لكن دون فائدة، وعائلته التي تريد دفنه في عمان، تعرف ان دفنه في العراق، سيؤدي في اي لحظة الى المرجلة على قبره، من اولئك الذين باتت قصتهم فقط مع الاضرحة والقبور، اما مع من يحبون فيتعبدون قربهم، واما مع من يكرهون فيطلقون النار والرصاص على قبورهم، فيالها من امة، تدير وجودها بهذه الطريقة الغريبة، عبر تعبيرات الاضرحة والمقابر، فهي لغة جديدة،تبشر العرب بمستقبل واعد بين الامم.
منذ الان، علينا ان نستعد لحملة سياسية عراقية ضد الاردن، باعتبار ان الاردن مازال صدامي الهوى، يستقبل الرموز السابقة التي على قيد الحياة، مثل رغد صدام حسين، ويستقبل ايضا الراحلين من رموز النظام السابق، فيدفنهم في ارضه.
لو كان هناك خير حقا، لما هاجر طارق عزيز في موته، ايا كان موقعه السابق، فهذا لجوء سياسي، اضطرت عائلته له، لانها تريد له ان يسلم تحت التراب ايضا، قياسا بحالات لمسؤولين اخرين في العراق، والاردن بات قدره ان يكون حاضنة للعرب، شعوبا ورموزا، من كل اتجاهاتهم، احياء، وحتى راحلين.
ما من رسالة ادانة سياسية للعراق الرسمي في هذا الزمن مثل خروج جثمان طارق عزيز من العراق الى الاردن، فهي رسالة تقول الكثير الكثير للاحياء قبل الراحلين ايضا.
الدستور