منظمة النصرة العاملة في سوريا فرع من تنظيم القاعدة الإرهابي وكان أميرها أبو محمد الجيلاني قد أعلن في العام الماضي مبايعة رئيس القاعدة أيمن الظواهري على السمع والطاعة.
بالرغم من هذه الحقائق الثابتة، وتصنيف النصرة دولياً كمنظمة إرهابية، فإن هناك محاولات حثيثة لإعادة تأهيلها وإعطائها صورة المعارضة المعتدلة، لأن (الاعتدال) في هذه الحالة هو الشرط وكلمة السر التي تفتح الباب للدعم الأميركي تسليحاً وتدريباً، حيث تتولى جهات عربية محلية التمويل، وربما دفع ثمن السلاح الأميركي.
جرى تدشين عمليات التأهيل الإعلامي للعصابة الإرهابية بواسطة فضائية الجزيرة التي تبث من قطر، وتمثل الناطق بلسان حكومتها، وتأخذ على عاتقها مهمة الدفاع عن الإرهابيين في سيناء ووصفهم برافضي الانقلاب، وفي سوريا وليبيا ووصفهم بالمسلحين، فقد أجرت المحطة ذات الأجندة الواضحة مقابلة مطولة لمدة ساعة مع أمير العصابة، وأعادت بثها أكثر من مرة.
هدفت المقابلة المشؤومة إلى إعادة تقديم النصرة إلى الرأي العام العربي والعالمي على أنها معارضة معتدلة، هدفها محاربة الاستبداد لإقامة حكم إسلامي في سوريا (لا تدّعي الديمقراطية)، وأنها لا تهدد الأقليات الطائفية إذا لم تقاوم النصرة أو تحاربها، بل إنها، أي النصرة، يمكن أن تتساهل مع العلويين والمسيحيين إذا أعلنوا ولاءهم للنصرة.
هذا فيما يتعلق بالوضع السوري الداخلي، أما في المجال الدولي فقد جرى خلال المقابلة وعلى لسان الجيلاني تطمين الغرب بأن النصرة لا تهددهم، ولن تقوم بعمليات في عواصمهم، وأنهم بالتالي يستطيعون التعايش مع دولتها المنتظرة في سوريا.
من سوء حظ (الجزيرة) والنصرة أن الجيلاني، بالرغم من إعطائه الفرصة لم يتنكر لانتمائه إلى القاعدة، ولم يتنصل من بيعته لزعيم القاعدة أيمن الظواهري، ولم يخفِ أحقاده الطائفية ضد كل من يخالفه في الرأي، وأصر على إخفاء وجهه لإعطاء الانطباع بأنه إرهابي محترف يعمل تحت الأرض.
قد لا يطول الزمن قبل أن يكتشف البعض فضائل داعش أيضاً، طالما أن نشاطها يسهم في تدمير الدولة السورية ويحقق المخطط المرسوم.
محاولة تأهيل العصابة الإرهابية، والدعوة لإعطائها فرصة تعديل مواقفها وتغيير طبيعتها، تشبه إلى حد كبير الدعوة لإعطاء الشيطان فرصة لعله يكتشف أن العودة إلى الحق أفضل له وأضمن لآخرته.
الرأي