من بركات ألله سبحانه وتعالى على هذا البلد الصابر المصابر ، أنه بلد مستقر آمن ، حتى وهو يعاني الفقر والبطالة وقلة الموارد ، ومن نعمه جلت قدرته ، أن هذه الارض الاردنية المباركه ، مقصد سائر الفارين بأرواحهم من أتون الظلم والحروب والقتل والدمار ، في محيطنا العربي ، وما هو أبعد ، وهي نعم وبركات ليست بالمستجدة أبدا ، وإنما عهدناها عبر التاريخ قديمه وحديثه على حد سواء .
يضيق بعضنا ذرعا بالملايين من إخوتنا العرب ، الذين فروا ألى بلدنا ألآمن من بلدانهم المضطربة المنكوبة بمن يحكمونها ، كما لو كانت إقطاعيات لهم ، ليدخلوها في حروب مدمرة ، وينامون ولا يرف لهم جفن ، حتى لو كان الثمن ، القضاء على الشعوب باكملها ، تماما كما يحدث هذا الأوان ، ويتساءل بعضنا بمشروعية عن قدرة الاردن على التحمل ، في وقت نفتقر فيه حتى الى الماء اللازم للحياة ، فيما تتضاءل فرص العمل ويشتد خطر غول الفقر ، ولا نجد العون ألا ما ندر ، وعلى نحو لا يكاد بمقياس الحسابات يسد الرمق .
نعم يضيق بعضنا إن لم يكن معظمنا ذرعا بهذا الواقع المر ، ويتساءل الكثيرون إلى متى يستمر هذا الحال ، ولا أحد يملك الجواب ، فالله وحده أعلم بالمسار ، ولهذا نحن صابرون كعهدنا دوما ، فلقد كان قدرنا وما زال ، أن يظل بلدنا ، ليس كما يقول المتنطعون الناكرون تجار الحروب والنكبات ، دولة وظيفية أنشأها المستعمرون اساسا لهذه الغايه ، وأنما وطنا محترما يأوي اليه كل باحث عن الملاذ المسقر الآمن المحترم ، فمن يجول في أرجاء الاردن ومحافظاته اليوم ، يرى العرب جميعا وقد تمثلوا في سائر أركانه ، ويتندر بعضنا أحيانا وهو على حق ، بأن الحيلة قد أعيته بحثا في الشارع العام عن مواطن أردني يرشده الى مكان يبغي الذهاب اليه ، فالمارة جميعا ضيوف عرب ، وخبرتهم بالامكنة ما زالت حديثه .
ليس لنا إلا الصبر ، وهو مفتاح الفرج ، وليس أمامنا إلا أن ندرك ، حقيقة ان هذا البلد مبارك محروس بإرادة الله ، وإلا فمن أين له أن يستوعب كل تلك الشعوب المنكوبة التي لا تملك شروى نقير ، فيغيثها ويوفر لها متطلبات الحياة حتى وهو يشكو نقصها وندرتها أساسا ، وليس سرا اليوم ، ان أكثر من ثلث سكان الاردن اليوم ، ليسوا من مواطنيه .
من يتوكل على الله ، فهو حسبه ، ومن يؤمن بحقيقة ان الاردن ارض مباركة ، وشعب مبارك ، وقيادة مباركة ، وموجودات مباركة على شحها ، يطمئن الى المستقبل ، فالرزق على الله لا على سواه ، ونحن وإياهم إذا ، رزقنا مكتوب ولن يتخلى الكريم عنا مهما ضاقت بنا سبل العيش ، لسبب بسيط جدا ، هو أن الاردن ومنذ نشأ ، يأوي المهجرين والحيارى والثكالى والمنكوبين والفارين بارواحهم واعراضهم ، الباحثين عن مكان آمن يأمنون فيه على ارواحهم واعراضهم وكرامتهم ، فهل يتخلى خالق الكون ومدبر امره ، عمن هذا هو شأنه . فقط يأمل الاردنيون جميعا الواثقون من رضى الله جلت قدرته ، أن لا يتنكر الآخرون لهم ، وان يقر العرب والمسلمون بالذات ، بأن الاردن بلد مبارك من ربه ، وإن شككوا في ذلك ، فليسألوا أنفسهم ، إن كان هناك على وجه المعمورة بلد يعيل شعبه وشعوبا أخرى بموجودات الاردن ، حتى لو كان اغنى دولة على هذا الكوكب . الاردن ارض مباركة ، من دخلها فهو آمن لا محاله ، والحمد لله رب العالمين ، وهو من وراء القصد .