مرضى السرطان .. مرضى برسم الموت والألم
05-05-2008 03:00 AM
أخطأوا فأسموه مركز الحسين للسرطان وكان الأصح ان يسمى " مركز الحسين لعلاج السرطان " ولهذا دلالات كبيرة ، ومن قبل كان مركز الأمل ، وكل أمل يقف السرطان على قارعة طريقه فهو غائر ومخيف ، فكيف إذا امتدت أيدي البعض لتقطع الأمل عن مرضى السرطان الذين نبكي عليهم دماً علّ الله يحمينا من بلائه وإياكم ، في حين يبكي بعض المسؤولين عليهم دموعا سرقوها من أعين التماسيح ، ووجب تقليم أظافرهم فقد أوجعتنا غراسها .تبا للتماسيح التي لم تعدّ حتى تفتح فمها للطيور التي تقتات على فضلات الأسماك التي تفترس بعضها وتبتلع أكثرها تحت الماء وفوق الماء وفي الهواء الطلق ، تبا لي وأنا أكتب هذه البكائية بعد أن امتلأت معدتي وأتُخمت طعاما سائغا وغيري جائع .
مرض السرطان ليس رفاهية جسدية والمرضى لا يعانون من " الماسوشية " ليتلذذوا بالألم .. لذلك فإن علاجه ليس رحلة استجمامية .. ان لم تستطع الحكومة توفير هذه الخدمة على الأقل ، فلتعلنها صراحة وليذهب مرضى السرطان الى حتفهم بعد حفلة شواء لأكبادهم وأمعائهم وأحشائهم ، فمعظمهم يعتاشون على المسكنات وأنواع من مخدرات الألم كالبيثادين والمورفين .
هل تتذكرون "التيلثون " هل تتذكرون يوم الجمعة التي فتحت الإتصالات به في يوم من الايام لجميع الأخيار من أبناء هذا الوطن ومن الأشقاء في السعودية ودول الخليج للتبرع بما جادت به انفسهم من أجل المهمة الأسمى وهي بناء مركز متخصص لمعالجة مرض السرطان يحمل إسم " الأمل ، فكيف تنسون يا هؤلاء المهمة الأسمى التي أوجد المركز لأجلها ، وكيف يحرم مريض أردني من الالتجاء ضعفا وبكاء ومرضا الى زاوية من زاوية هذا الصرح الذي ستحطمه أيدي من استمرءوا عذابات المساكين وآهات الفقراء والمحتاجين ودموع اللاجئين في وطنهم .. فهل سيتحكم موظف يتسربل بدلة ثمنها عشرة أضعاف راتب مريض ، أو موظفة تعرف تفاصيل عمليات الميك آب الصباحي أكثر مما تعرف خارطة الفقر الوطني ، بمصائر المرضى الذين يحتاجون أكثر ما يحتاجون الى العلاج النفسي المعنوي قبل العلاج بالكيماوي الذي يحرق دمائهم ويسقط شعرهم ، ويقتل شعورهم .. يا الله كم نحن ظالمون ، كم نحن جبناء ، كم وكم وكم مما نحن فيه ، من لعنات التخلي والنكوص عن الواجب .
أحتى في المرض هناك طبقية ومحسوبية وتفاخر ؟ .. فكثير من الحالات أوفدت للعلاج في إسرائيل وهذا ليس بسر يخفى ، وغيرها أرسلت الى مراكز ضخمة في الولايات المتحدة الامريكية ، والى لندن ، والمانيا ، ونعلم إن هناك حالات عولجت بعشرات الآلاف من الدنانير ولكن الله لم يكتب لها الشفاء ، فرحمها بموت هو مصيرنا جميعا ، ومصير من يحرم المعوزين وفقراء البلد من العلاج في وطنهم ، ولكن الفرق شاسع بين موت مشرف وموت مذل .
لذا يجب ان لا يتذرع المسؤول بذرائع انهزامية وعليه فيجب أن يخصص جزء من أموال الخصخصة التي فرضت علينا لعلاج المرضى وأهمهم مرضى السرطان ، فبالله عليكم أيعقل ان يُرفض تأمين العلاج لشقيقين هما فلذة كبد رجل لو باع لحمه لما جمع ثمن حليب أحدهما ، أو من تملك شقة بعد عمر طويل وبعد شق الأنفس ولا يملك ثمن الدواء .. فهل يبيع بيته للعلاج ، أم يبيع نفسه ؟
ينبغي أن توقف جميع أشكال الدعم المباشر وغير المباشر للمشاريع الترفيهية غير المنطقية ، وخدمات " العولمة العمرانية " غير اللازمة ، وصرف ملايين الدنانير على المنشآت والأنشطة الرياضية الملهاة ، وفرض ضريبة دينارية على رواتب كبار السادة من رجال الدولة واعضاء المجالس التشريعية والتشعيبية والمستثمرين ورجال المال والأعمال ، وتحويل الوفر المالي من هذا الى صندوق معالجة مرضى السرطان ، فلننظر الى الدول التي انضمت اليوم الى مركب الوحدة الأوروبية بعد ان كانت دول تتناهشها الحاجة والفقر ، كيف اصبح نظام التأمين الصحي مجاني لمواطنيها ضمن حزمة آمان اجتماعي وفرته أوروبا لشعوبها .
نقطة مهمة يجب التنبه لها وهي ان تبقي الدولة يدها على آليات مكافحة أسباب السرطان أولا و أهمها الاستخدام المفرط للمبيدات الحشرية في الزراعات ، وثقافة البرغر والمأكولات السريعة والعديد مما يسمى ( junkfood ) والزيوت غير الصحية والاغذية غير الصحية المخصصة للاطفال من رقائق وعصير مليء بالصبغات غير المفيدة ، وأخيرا الأدخنة والأبخرة ،كما يجب إلزام جميع الطلاب وخاصة في المدارس للخضوع لفحص طبي مجاني للكشف المبكر عن السرطان وان لا يترك هذا الأمر بشكل طوعي ويكتفى بالدعوات الترويجية والتحذيرية من ذلك المرض ، وان توفر الامكانات للفحصوصات السريرية والمختبرية في جميع المستشفيات والمراكز الطبية في التي لا تزال حتى اليوم حكومية .
وليتق الله من يزرع او يصنع في عباد الله وأطفال الوطن وليحسن زراعته وصناعته ، وليتق الله من يمتلك مهمة تمكين المريض من العلاج ، فليرحم ضعف هؤلاء المبتلون وليشفق عليهم فهم ليسوا أعداء تسللوا الى مخادعنا بثياب العاشقين الثملين ، فتلك دمائهم التي تقطر ، ولا تحسبوها نبيذا سال ذات لذة .
وإلا قبل أن نباع الى المرض والفقر والجهل يجب ان يتم تقسيم الشعب الى فئات معروفة وموسومة حتى نرتاح من مسألة هذا يستحق وهذا لا يستحق ، وان نعود الى تجربة الدول "الاشتراعية " في زمن الشيوعية ليحصل كل مواطن على بطاقة تصنيفية تمكنه من استخدام المرافق حسب طبقته ، ميسور ومحتاج وفقير ومدقع وماسح ومقبور ، هناك من يملك شقة ولا يملك ثمن الدواء ، فهل يبيع بيته للعلاج ... ألا من يستمع فيسمع ويعي وينتصر وله حسن العاقبة .؟!
Royal430@hotmail.com
**الصورة لطفلة مصابة بالمرض ...